للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن فعلِ المأمورِ المُواجَهِ؛ لكثرة الأمرِ خاصةً (١) في كلامِهم، كما حَذَفوا (٢) "التاءَ" مِن الفعلِ. قال: وأنت تعلمُ أن الجازم والناصبَ لا يَقَعان إلا على الفعل الذى أوله "الياءُ" و"التاءُ" و"النونُ" و"الألفُ"، فلما حُذفت "التاءُ": ذَهَبَت "اللامُ"، وأُحْدِثَت "الألفُ" في قولِك: اضرِبْ، وافرَحْ. لأن "الفاء" (٣) ساكنةٌ، فلم يَسْتَقِمْ أَن يُسْتأنف بحرف ساكنٍ، فأدخَلوا ألفًا خفيفةً يقعُ بها الابتداءُ، كما قال (٤): ﴿ادَّارَكُوا﴾ [الأعراف: ٣٨] و ﴿اثَّاقَلْتُمْ﴾ [التوبة: ٣٨].

وهذا الذى اعْتَلَّ به الفراءُ عليه لا له؛ وذلك أن العرب إن كانت قد حَذَفَت "اللامَ": في المُواجَهِ وتَرَكَتْها، فليس لغيرها إذا نَطق بكلامها أن يُدْخِلَ فيه ما ليس منه، مادام مُتكلِّمًا بلغتها، فإن فعل ذلك كان خارجا عن لغتها. وكتاب (٥) الله الذى أنزله على محمدٍ بلسانها، فليس لأحدٍ أن يَتْلُوَه إلا بالأفصحِ من كلامها، وإن كان معروفًا بعضُ ذلك من لغة بعضِها، فكيف بما ليس بمعروف من لغة حيٍّ ولا قبيلةٍ منها، وإنما هو دَعْوى لا ثَبَتَ (٦) بها ولا صحةَ (٧).

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (٥٩)﴾.


(١) في ت ١، ت ٢، س، ف: "حاجته".
(٢) في ت ٢، س، ف: "حدثوا".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "الألف"، وفى معاني القرآن: "الضاد".
(٤) في النسخ: "قالوا". وينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٤٦٩.
(٥) في م: "الكلام".
(٦) في ص، ت ٢، س: "تثبت". والثبت: الحجة. التاج (ث ب ت).
(٧) في م: "حجة".