للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انْقِضاءَ أربعين ليلةً، أى رأسَ الأربعين. ومثَّل ذلك بقولِه: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢]. وبقولِهم: اليومَ أربعون منذُ خرَج فلانٌ، واليومَ يومان. أى اليومُ تمامُ يومين وتمامُ أربعين.

قال أبو جعفرٍ: وذلك خلافُ ما جاءَت به الروايةُ عن أهلِ التأويلِ، وخلافُ ظاهرِ التِّلاوةِ. فأما ظاهرُ التلاوةِ، فإن اللهَ جل وعز قد أخْبرَ أنه واعَد موسى أربعين ليلةً، فليس لأحدٍ إحالةُ ظاهرِ خبرِه إلى باطنٍ بغيرِ بُرْهانٍ دالٍّ على صحتهِ.

وأما أهلُ التأويلِ، فإنهم قالوا في ذلك ما أنا ذاكرُه، وهو ما حدَّثنى به المثنَّى، قال: حدَّثنا آدمُ، قال: حدَّثنا أبو جعفرٍ، عن الربيعِ بنِ أنسٍ، عن أبى العاليةِ قولَه: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾. قال: يعنى ذا القَعْدةِ وَعشرًا مِن ذى الحِجَّةِ، وذلك حينَ خلَّف موسى أصحابَه، واسْتَخْلَف عليهم هارونَ، فمكَث على الطُّورِ أربعين ليلةً، وأُنْزِل عليه التوراةُ في الألواحِ -وكانت الألواحُ مِن بَرَدٍ (١) - فقرَّبه الربُّ (٢) نَجِيًّا وكلَّمه، وسمِع صَريفَ (٣) القلمِ، وبلَغَنا أنه لم يُحْدِثْ حَدَثًا في الأربعين ليلةً حتى هبَط مِن الطُّورِ (٤).

حُدِّثْتُ عن عمارِ بنِ الحسنِ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ بنحوِه.


(١) في م: "زبرجد".
(٢) بعده في م: "إليه".
(٣) في ر: "صرير". وهما بمعنى.
(٤) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٠٧ (٥١١) من طريق آدم به، دون قوله: وكانت الألواح من برد. وأخرجه ابن أبى حاتم أيضا ٥/ ١٥٦٣ (٨٩٥٩). وفيه: من بردى.