للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حضَرتْ آجالُهم فماتوا لآجالِهم، والمُدرِكون (١) مِن الرجالِ والنساءِ كان الغَرَقُ عقوبةً مِن اللهِ لهم في الدنيا، ثم مصيرُهم إلى النارِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (٤٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ونادى نوحٌ ربَّه، فقال: ربِّ إنك وَعَدتَّني أن تُنَجِّيَني مِن الغرقِ والهلاكِ وأهلي، وقد هلَك ابنِي، وابنِي من أهلي، ﴿وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ﴾ الذي لا خُلفَ له، ﴿وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾ بالحقِّ، فاحكم لي بأن تَفيَ لي (٢) بما وعدتَّني، من أن تُنَجِّي لي أهلي، وتُرجِعَ إليَّ ابني.

كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾. قال: أحكمُ الحاكمين بالحقِّ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال اللهُ: يا نوحُ، إن الذي غرَّقتُه فأهلكتُه، الذي تذكُرُ أنه مِن أهلِك، ليس مِن أهلِك.

واختلف أهلُ التأويلِ في معنى قوله: ﴿لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾، فقال بعضُهم: معناه: ليس مِن ولدِك، هو مِن غيرِك. وقالوا: كان ذلك مِن حِنثٍ (٤).


(١) في ف: "المذكورون".
(٢) سقط من: م.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٣٩ من طريق أصبغ عن ابن زيد به.
(٤) الحنث: الإثم، وأولاد الحنث: أولاد الزنى. تاج العروس (ح ن ث).