للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الليلةَ قومٌ ما رأيتُ مثلَهم قطُّ أحسنَ وجوهًا، ولا أطيبَ ريحًا، فجاءوا يُهْرَعون إليه، فبادَرَهم لوطٌ إلى أن يَرْحَمَهم (١) على البابِ، فقال: ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾ [الحجر: ٧١]. فقالوا: ﴿أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [الحجر: ٧٠]. فدَخَلوا على الملائكةِ، فتَناوَلَتهم الملائكةُ، فطَمَسَت أعينَهم. فقالوا: يا لوطُ، جِئْتَنا بقومٍ سَحَرةٍ سَحَرونا، كما أنت حتى نصبحَ (٢). قال: فاحتَمَل جبريلُ قُرَيَّاتِ لوطٍ الأربعَ، في كلِّ قريةٍ مائةُ ألفٍ، فرَفَعَهم على جَناحِه بينَ السماءِ والأرضِ، حتى سَمِع أهلُ السماءِ الدنيا أصواتَ دِيَكتِهم، ثم قَلَبهم، فجَعَل اللَّهُ عاليَها سافلَها (٣).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ، قال: قال حذيفةُ: لمَّا دَخَلوا عليه، ذَهَبَت (٤) عجوزُه، عجوزُ السَّوْءِ، فأَتَتْ قومَها، فقالت: لقد تَضيَّفَ لوطًا الليلةَ قومٌ ما رأيتُ قومًا (٥) قطُّ أحسنَ وجوهًا منهم. قال: فجاءوا يُسْرِعون، فعاجَلَهم لوطٌ (٦)، فقامَ مَلَكٌ فَلَزَّ (٧) البابَ، يقولُ: فَسَدَّه، واسْتأذَنَ جبريلُ في عقوبتِهم، فأُذِنَ له، فضَرَبهم جبريلُ بجَناحِه، فتَرَكَهم عُميًا فباتُوا بشَرِّ ليلةٍ. ثم قالُوا: (إِنَّا رُسُل رَبِّك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتُك (٨)). قال: فبَلَغَنا أنها


(١) في ص، ف: "ترحهم" غير منقوطة، وفي م: "يزجهم".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "تصبح".
(٣) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٣٠٢.
(٤) في ت ١: "انطلقت".
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) في ص، ت ٢، س: "إلى لوط"، وفي ف: "إلى".
(٧) في ص، ت ٢، س، ف: "فكز"، وفي ت ١: "فوكز".
(٨) تقدم توجيه الطبري لقراءة الرفع أن امرأته خرجت معهم وأنها التفتت فهلكت لذلك، وهو الموافق لما في هذا الأثر.