للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغلامِ بُشْرَى. قال: يا بُشْرَى. كما تقولُ: يا زيد (١).

واخْتَلَفَت القرأةُ فى قراءة قوله (٢) ذلك؛ فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة: (يا بُشْرَىَّ) (٣). بإثباتِ ياءِ الإضافة، غير أنه أدْغَم الألفَ في الياء طلبًا للكسرة التي تَلْزَمُ ما قبل ياء الإضافة من المتكلم فى قولهم: غلامي وجاريتي. في كلِّ حالٍ، وذلك من لغة طيِّىٍ، كما قال أبو ذُؤَيبٍ (٤):

سبقوا هَوَىَّ وأَعْنَقوا لَهَواهُمُ … فتُخُرِّموا ولكلِّ جنبٍ مَصْرَعُ (٥)

وقرأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفيين: ﴿يابُشْرَى﴾. بإرسال الياء وترك الإضافة (٦).

وإذا قُرِئ ذلك كذلك، احْتَمَل وجهين من التأويل: أحدهما: ما قاله السدىُّ، وهو أن يكونَ اسم رجلٍ دعاه المُسْتَقِى باسمه، كما يقال: يا زيد، ويا عمرُو. فيكونُ "بُشْرَى" في موضع رفعٍ بالنداء.

والآخرُ: أن يكون أراد إضافةَ البُشْرَى إلى نفسه، فحذف الياء وهو يُرِيدُها، فيكونُ مُفْرَدًا وفيه نيَّةُ الإضافة، كما تَفْعَلُ العرب فى النداء فتقولُ: يا نفسُ اصْبِرى،


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٣٣٤.
(٢) سقط من: م.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س: "بشراى". وبإثبات ياء الإضافة وإدغام الألف في الياء قرأ أبو الطفيل والحسن وابن أبي إسحاق والجحدري، وهى قراءة شاذة، وبفتح الياء وإثبات الألف -كما في النسخ الأخرى- قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر، ورواية عن ورش، عن نافع، بسكون الياء. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٣٤٧، والبحر المحيط ٥/ ٢٩٠.
(٤) ديوان الهذليين ١/ ٢.
(٥) أعنقوا: تبع بعضهم بعضا، فتخرموا: أخذوا واحدا واحدا، ينظر شرح أشعار الهذليين ١/ ٧.
(٦) قرأ بها عاصم وحمزة والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ٣٤٧.