للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجَاهِلِينَ﴾. أي: جاهلًا إذا ركِبْتُ معصيتَك (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)﴾.

إن قال قائلٌ: وما وجهُ قولِه: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ﴾. ولا مسألةَ تقدَّمَت مِن يوسُفَ لربِّه، ولا دعا بصَرْفِ كيدِهن عنه، وإنما أَخْبَر ربَّه أن السجنَ أحبُّ إليه مِن معصيتِه؟

قيل: إن في إخبارِه بذلك شِكايةً منه إلى ربِّه مما لقِى منهن، وفي قولِه: ﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾. معنى دعاءٍ ومسألةٍ منه ربَّه صرفَ كيدِهن، ولذلك (٢) قال اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ﴾. وذلك كقولِ القائلِ لآخر (٣): إن (٤) لا تَزُرْنى أُهِنْك. فيجيبه الآخرُ: إذن أَزُورَك. لأن في قولِه: إن (٤) لا تَزُرْنِي أُهِنْك. معنى الأمرِ بالزيارةِ.

وتأويلُ الكلامِ: فاسْتَجاب اللهُ ليوسُفَ دعاءَه، فصَرَف عنه ما أرادَت منه امرأةُ العزيزِ وصَواحباتُها من معصية اللهِ.

كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. أي: نجَّاه مِن أَن يَرْكَبَ المعصيةَ فيهن، وقد نزَل به بعضُ ما حذِر منهن (٥).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٣٩ من طريق سلمة به.
(٢) في ص، ت ٢، ف: "كذلك".
(٣) في س، ف: "الآخر".
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٣٩ (١١٥٨٠) من طريق سلمة به.