للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهِ، وإلى الإسلامِ، فقال: ﴿يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾. أي: خيرٌ أن تَعْبُدوا إلهًا واحدًا، أو آلهةً مُتفرِّقةً، لا تُغْنِى عنكم شيئًا؟

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٤٠)﴾.

يعنى بقولِه: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ﴾: ما تَعْبُدون مِن دونِ اللَّهِ.

وقال: ﴿مَا تَعْبُدُونَ﴾، وقد ابتدَأَ الخطابَ بخطابِ اثنين، فقال: ﴿يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ﴾؛ لأنه قَصَدَ المُخاطَبَ به، ومَن هو على الشِّرْكِ باللَّهِ مُقيمٌ مِن أهلِ مصرَ، فقال للمخاطَبِ بذلك: ما تَعْبُدُ أنت، ومَن هو على مثلِ ما أنت عليه مِن عبادةِ الأوثانِ. ﴿إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ﴾: وذلك تَسْمِيتُهم أوثانَهم آلهةً أربابًا، شِرْكًا منهم، وتَشْبِيهًا لها في أسمائِها التي سمَّوها بها باللهِ، تعالى عن أن يكونَ له مِثْلٌ أو شَبيهٌ، ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾. يقولُ: سَمَّوها بأسماءٍ لم يأذَنْ لهم بتَسْميتِها بها (١)، ولا وَضَعَ لهم على أن تلك الأسماءَ أسماؤُها دلالةً ولا حجةً، ولكنها اختلاقٌ منهم لها وافتراءٌ.

وقولُه: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾. يقولُ: وهو الذي أَمَر ألا تَعْبدوا أنتم وجميعُ خلقِه إلا الله الذي له الألوهةُ والعبادةُ خالصةً دونَ كلِّ ما سِواه مِن الأشياءِ.

كما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ بن أنسٍ، عن أبي العاليةِ في قولِه: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا


(١) سقط من: م.