للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واخْتَلَفَت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾ (١)؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ وبعضُ الكوفيين والبصريين: (فاللَّهُ خيرٌ حِفْظًا). بمعنى: واللهُ خيرُكم حِفْظًا.

وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفيين وبعضُ أهلِ مكةَ: ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾ بالألفِ، على توجيهِ الحافظِ إلى أنه تفسيرٌ للخيرِ (٢)، كما يقالُ: هو خيرٌ رجلًا، والمعنى: فاللهُ خيرُكم حافظًا، ثم حُذِفَت الكافُ والميمُ (٣).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان مُتَقارِبتا المعنى، قد قرَأ بكلِّ واحدةٍ منهما أهلُ علمٍ بالقرآنِ، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ، وذلك أن مَن وصَف الله بأنه خيرُهم حفظًا، فقد وصَفه بأنه خيرُهم حافظًا، ومَن وصَفَه بأنه خيرُهم حافظًا فقد وصَفه بأنه خيرُهم حفظًا.

﴿وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾. يقولُ: واللهُ أرحمُ راحمٍ بخلقِه، يَرْحَمُ ضَعْفِى على كِبَرِ سِنِّى، ووَحْدتى بفقدِ ولدى [ولا] (٤) يُضَيِّعُه، ولكنه يَحْفَظُه، حتى يَرُدَّه عليَّ برحمتِه (٥).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَاأَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (٦٥)﴾.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "حفظا".
(٢) في ت ٢: "الخير"، وفى ف: "للخبر".
(٣) قرأ حمزة والكسائى وخلف وحفص: ﴿حافظا﴾ بألف. وقرأ الباقون بغير ألف وكسر الحاء. النشر ٢/ ٢٢٢.
(٤) في م: "فلا".
(٥) في ص، ت ٢: "لرحمته بى"، وفى م، ف: "لرحمته".