للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾.

يعنى جلّ ثناؤه بقولِه: ﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى﴾: وإذ اسْتَسْقانا موسى لقومِه؛ أى: سأَلَنا (١) نَسْقِى قومَه ماءً. فترَك ذكرَ المسئولِ (٢) ذلك، والمَعْنِىّ الذى سأَل موسى، إذ كان فيما ذكَر مِن الكلامِ الظاهرِ دَلالةٌ على معنى ما ترَك [وحذَف] (٣).

وكذلك قولُه: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾. مما اسْتُغْنِى بدَلالةِ الظاهرِ على المَتْروكِ منه، وذلك أن معنى الكلامِ: فقلْنا: اضْرِبْ بعصاك الحجرَ. فضرَبه فانْفَجَرَت. فترَك ذكْرَ الخبرِ عن ضَرْبِ موسى الحجرَ؛ إذ كان فيما ذكَر دَلالةٌ على المرادِ منه.

وكذلك قولُه: ﴿قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾. إنما معناه: قد علِم كلُّ أناسٍ منهم مَشْرَبَهم. فترَك ذكرَ "منهم" لدَلالةِ الكلامِ عليه.

وقد دلَّلْنا على أن "أناس" (٤) جمعٌ لا واحدَ له مِن لفظِه -فيما مضى- وأن


(١) بعده في ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أن".
(٢) بعده في حاشية الأصل: "في الأم: له".
(٣) زيادة من: الأصل.
(٤) في م: "الناس". وهو ما تقدم في ١/ ٢٧٤.