للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركِ مع اللَّهِ غيرَه، فمثَلُه كمثَلِ الرجلِ العطشانِ الذي يَنْظُرُ إلى خيالِه في الماءِ مِن بعيدٍ، فهو يريدُ أن يَتَناولَه ولا يَقْدِرُ عليه (١).

وقال آخرون في ذلك ما حدَّثني به محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ إلى: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾. يقولُ: مَثَلُ الأوثانِ الذين يُعْبَدُون مِن دونِ اللَّهِ، كمثلِ رجلٍ قد بلَغه العَطَشُ، حتى كرَبه الموتُ، وكفَّاه في الماءِ قد وضَعهما لا يَبْلغان فاه. يقولُ اللَّهُ: لا تَسْتجيبُ له (٢) الآلهةُ، ولا تَنْفَعُ الذين يَعْبُدونها، حتى يَبْلُغَ كفَّا هذا فاه، وما هما ببالغتَين فاه أبدًا.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ﴾. قال: لا يَنْفعونهم بشيءٍ إلا كما يَنْفَعُ هذا بكفَّيه، يعنى بَسْطَهما إلى ما لا يُنالُ أبدًا.

وقال آخرون في ذلك ما حدَّثنا به محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ﴾ وليس الماءُ ببالغٍ فاه ما قام (٣) باسطًا كفَّيْه لا يَقْبِضُهما، ﴿وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾. قال: هذا مَثَلٌ ضرَبه اللَّهُ لمن اتخَذ مِن دونِ اللَّهِ إلهًا أنه غيرُ نافعِه، ولا يَدْفَعُ عنه سوءًا، حتى يموتَ على ذلك (٤).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في تغليق التعليق ٤/ ٢٣٠ - من طريق أبى صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٥٣ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.
(٢) سقط من: ص، م.
(٣) كذا في النسخ، وفى تفسير عبد الرزاق: "ما دام".
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٣٤، عن معمر به.