للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (٢١)﴾.

يَعْنى تعالى ذكرُه بقوله: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا﴾: وظهر هؤلاء الذين كفروا به - يوم القيامة - من قبورهم، فصاروا بالبَرَازِ مِن الأَرضِ، ﴿جَمِيعًا﴾. يَعْنى: كلَّهم، ﴿فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾. يقولُ: فقال التُّبَّاعُ (١) منهم للمَتبوعين، وهم الذين كانوا يَسْتَكْبِرون في الدنيا عن إخلاص العبادة لله، واتِّباعِ الرسل الذين أُرسلوا إليهم: ﴿إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾ في الدنيا.

والتَّبَعُ جمعُ تابعٍ. كما الغَيب جمعُ غائبٍ، وإنما عَنَوا بقولهم: ﴿إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾. أنهم كانوا أتباعَهم في الدنيا، يَأْتَمِرُونَ لِمَا يَأْمُرُونهم به؛ مِن عبادة الأوثانِ، والكفرِ بالله، وينتَهُون عما نَهَوْهم عنه؛ مِن اتِّبَاعِ رسلِ اللَّهِ. ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾. يَعْنُون: فهل أنتم دافعون عنا اليوم من عذابِ الله من شيءٍ؟ وكان ابن جريجٍ يقولُ نحو ذلك.

حدثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قوله: ﴿فَقَالَ الضُّعَفَاءُ﴾. قال: الأتباعُ. ﴿لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾. قال: للقادةِ (٢).

وقوله: ﴿لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَكُمْ﴾. يقول عز ذكره: قالت القادةُ على الكفرِ باللَّهِ لتُبَّاعِها: ﴿لَوْ هَدَننَا اللَّهُ﴾ - يَعْنُون: لو بَينَ اللَّهُ لنا شيئًا نَدْفَعُ به عذابَه عنا اليومَ - ﴿لَهَدَيْنَاكُمْ﴾، لبيَّنا ذلك لكم، حتى تدفعوا به العذاب عن أنفسكم، ولكنَّا قد جزِعْنا من العذابِ، فلم يَنْفَعْنا جَزَعُنا منه، وصَبْرُنا عليه. ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا


(١) في ت ٢، ف: "أتباع".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٧٤ إلى المصنف وابن المنذر.