للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هاجَرُ، فذهَب إلى بيتِ إسماعيلَ، فقال لامرأتِه: أين صاحبُكِ؟ قالت: ليس هاهنا، ذهَب يَتَصَيَّدُ. وكان إسماعيلُ يَخْرُجُ مِن الحرمِ فيَتَصَيَّدُ ثم يَرْجِعُ، فقال إبراهيمُ: هل عندَك ضِيافةٌ؟ هل عندَك طعامٌ أو شرابٌ؟ قالت: ليس عندى، وما عندى أحدٌ. فقال إبراهيمُ: إذا جاء زوجُك فأقْرِئيه السلامَ، وقُولى له: فلْيُغَيِّرْ عتبةَ بابِه. وذهَب إبراهيمُ، وجاء إسماعيلُ، فوجَد رِيحَ أبيه، فقال لامرأتِه: هل جاءك أحدٌ؟ فقالت: جاءنى شيخٌ، كذا وكذا - كالمُسْتَخِفَّة بشأنِه - قال: فما قال لكِ؟ قالت: قال لى: أقْرِئى زوجَك السلامَ، وقُولى له: فلْيُغَيِّرْ عتبةَ بابِه. فطلَّقها وتزَوَّج أخرى، فلبِث إبراهيمٌ ما شاء اللهُ أن يَلْبَثَ، ثم اسْتَأْذَن سارَةَ أَن يَزُورَ إسماعيلَ، فأذِنَت له، وشرَطَت عليه ألا يَنْزِلَ، فجاء إبراهيمُ حتى انْتَهَى إلى بابِ إسماعيلَ، فقال لامرأتِه: أين صاحبُكِ؟ قالت: ذهَب يَتصَيَّدُ، وهو يَجِيءُ الآن إن شاء اللهُ، فانْزِلْ يَرْحَمُك اللهُ. قال لها: هل عندَك ضِيافةٌ؟ قالت: نعم. قال: هل عندَك خبزٌ أو بُرٌّ أو تمرٌ أو شعيرٌ؟ قالت: لا. فجاءت باللبنِ واللحمِ، فدعا لهما بالبركةِ، فلو جاءت يومَئذٍ بخبزٍ أو بُرٌّ أو شعيرٍ أو تمرٍ، لكانت أكثرَ أَرضِ اللهِ بُرًّا وشعيرًا وتمرًا، فقالت له: انْزِلْ انْزِلْ حتى أَغْسِلَ رأسَك. فلم يَنْزِلْ، فجاءته بالمقَامِ فوضَعَته عن شقِّه الأيمنِ، فوضَع قدمَه عليه، فبقِى أثرُ قدمِه عليه، فعَسَلَت شِقَّ رأسِه الأيمنَ، ثم حوَّلت المَقامَ إلى شقِّه الأيسرِ، فغسَلَت شقَّه الأيسرَ، فقال لها: إذا جاء زوجُك فأقْرِئيه السلامَ، وقُولى له: قد اسْتَقامَت عَتَبةُ بابِك. فلما جاء إسماعيلُ وجَد رِيحَ أبيه، فقال لامرأتِه: هل جاءك أحدٌ؟ فقالت: نعم، شيخٌ أحسنُ الناسِ وجهًا، وأطيبُه رِيحًا، فقال لى: كذا وكذا، وقلتُ له: كذا وكذا، وغسَلْتُ رأسَه، وهذا موضعُ قدمَيْه (١) على المَقامِ. قال: وما قال لكِ؟ قالت: قال لي: إذا


(١) في م، ت ١، ت ٢، ف: "قدمه".