للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهُ جلَّ ثناؤُه بعدَ هذا: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (١) [آل عمران: ٨٥].

[حدَّثنا ابنُ البَرْقىِّ قال: حدَّثنا عمرُو بنُ أبى سلمةَ، عن سعيدِ بنِ عبدِ العزيزِ فى قولِ اللهِ جلَّ وعزَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. قال: هى منسوخةٌ، نسخَتها: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا﴾] (٢).

وهذا الخبرُ يَدُلُّ على أن ابنَ عباسٍ كان يَرَى أن اللهَ تعالى ذكرُه قد كان وعَد مَن عمِل صالحًا مِن اليهودِ والنصارى والصابئين على عملِه في الآخرةِ الجنةَ، ثم نسَخ ذلك بقولِه: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾.

فتأويلُ الآيةِ إذن على ما ذكَرْنا عن مجاهدٍ والسدىِّ: إن الذين آمَنوا مِن هذه الأمةِ، والذين هادُوا والنصارى والصابئين -مَن آمَن مِن اليهودِ والنصارى والصابئين باللهِ واليومِ الآخرِ- فلهم أجرُهم عندَ ربِّهم، ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزَنون.

والذى قلْنا مِن التأويلِ الأولِ أشْبَهُ بظاهرِ التَّنْزيلِ؛ لأن اللهَ تعالى ذِكرُه لم يَخْصُصْ بالأجرِ على العملِ الصالحِ مع الإيمانِ بعضَ خلقِه دونَ بعضٍ منهم، والخبرُ بقولِه: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. عن جميعِ مَن (٣) ذكَر في أولِ الآيةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾.

الميثاقُ المِفْعالُ، مِن الوَثيقةِ؛ إما بيمينٍ، وإما بعهدٍ، أو غيرِ ذلك مِن الوَثائقِ.


(١) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٢٦ (٦٣٥)، وابن الجوزى في ناسخه ص ١٣٠ من طريق أبى صالح به.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) سقط من: ت ١، وفى م، ت ٢، ت ٣: "ما".