للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكَرنا من الآثارِ في ذلك ما فيه الكفايةُ فيما مضَى من كتابِنا هذا قبلُ (١).

والإسراءُ والسُّرَى: سيرُ الليلِ. فمن قال: أسرَى. قال: يُسْرى إسراءً. ومن قال: سَرَى. قال: يَسْرِى سُرًى. كما قال الشاعرُ (٢):

وليلةٍ ذاتِ دُجًى سرَيتُ

ولم يَلِتْني عن سُراها لَيْتُ

ويُروى: ذاتِ ندًى سرَيتُ.

ويَعْنى بقولِه: ﴿لَيْلًا﴾: من الليلِ. وكذلك كان حُذيفةُ بنُ اليمانِ يَقْرَؤُها.

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: سمِعتُ أبا بكرِ بنَ عياشٍ، ورجلٌ يُحدِّثُ عندَه (٣) بحديثِ حينَ أُسرى بالنبيِّ ﷺ، فقال له: لا تَجِيءُ بمثلِ عاصمٍ ولا زِرٍّ، قال: قرَأ حذيفةُ: (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ مِن اللَّيْلِ مِن المسجِدِ الْحَرَامِ إِلى المَسْجِدِ الأقْصَى). وكذا قرَأ عبدُ اللهِ (٤).

وأمَّا قولُه: ﴿مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾. فإنه اختُلِف فيه وفي معناه؛ فقال بعضُهم: يَعْنى مِن الحَرَمِ. وقال: الحرمُ كلُّه مسجدٌ. وقد بَيَّنَّا ذلك في غيرِ موضعٍ من كتابِنا هذا (٥). وقال: ذُكِر (٦) أن النبيَّ ﷺ كان ليلةَ أُسْرِى به إلى المسجدِ الأقصَى كان نائمًا فى بيتِ أمِّ هانئٍ ابنةِ أبي طالبٍ.


(١) تقدم في ١٢/ ١٢٧، ١٢٨.
(٢) البيتان في اللسان (ل ي ت)، (ح ن ن) منسوبين في الموضع الثاني لأبي محمد الفقعسى.
(٣) في ص، ت ٢، ف: "عنه".
(٤) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٣٦ إلى المصنف، ولم يذكر قراءة ابن مسعود، وقراءة ابن مسعود في البحر المحيط ٦/ ٥. وسيأتى مطولا في ص ٤٤٤، ٤٤٥.
(٥) تقدم في ٣/ ٤٣٨ - ٤٤٢.
(٦) فى م: "وقد ذكر لنا".