للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا (١) مِنْ دُونِي وَكِيلًا (٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: سبحانَ الذي أسرَى بعبده ليلًا وآتى موسى الكتابَ. ورَدَّ الكلام إلى: ﴿وَآتَيْنَا﴾. وقد ابتدَأه بقوله: ﴿أَسْرَى﴾. لما قد ذكرنا قبلُ فيما مضَى مِن فعل العرب في نظائر ذلك من ابتداء الخبر بالخبر عن الغائب، ثم الرجوع إلى الخطاب وأشباهه (٢).

وعنَى بالكتاب الذي أُوتى موسى، التوراة. ﴿وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾. يقولُ: وجعلنا الكتاب - الذي هو التوراةُ - بيانًا للحقِّ، ودليلًا لهم على محجَّةِ الصواب فيما افترَض الله عليهم، وأمرَهم به، ونهاهم عنه.

وقولُه: ﴿أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا﴾. اختلفت القرأةُ في قراءة ذلك؛ فقرأته عامةُ قرأة المدينة والكوفة: ﴿أَلَّا تَتَّخِذُوا﴾ بالتاء (٣) بمعنى: وآتينا موسى الكتاب بألا [تَتَّخِذوا يابني] (٤) إسرائيل. من دوني وكيلًا.

وقرأ ذلك بعضُ قرأةِ البصرة: (أَلَّا يَتَّخِذُوا) بالياء (٥)، على الخبر عن بني إسرائيل، بمعنى: وجعَلْناه هدًى لبنى إسرائيل، ألا يتخذ بنو إسرائيل من دوني وكيلًا.

وهما قراءتان صحيحَتا المعنى، متَّفقَتانِ غيرُ مختلفتين، فبأيَّتِهما قرأ القارئُ


(١) في ت ١، ت ٢، ف: "يتخذوا". وهما قراءتان كما سيأتي.
(٢) تقدم في ١/ ١٥٥.
(٣) وهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي ونافع وابن كثير وابن عامر. التيسير ص ١١٣.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "يتخذ بنو".
(٥) وهى قراءة أبي عمرو. المصدر السابق.