للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زكريا، فبعث الله عليهم ملِكَ النَّبطِ (١) يُدعى صنحابين (٢)، فبعَث الجنودَ، وكانت أساورتُه (٣) من أهل فارسَ، فهم أولو بأسٍ شديدٍ، فتحصَّنت بنو إسرائيل، وخرَج فيهم بختُنَصَّرَ يتيمًا مِسكينًا، إنما خرج يستَطْعِمُ، وتَلَطَّف حتى دخل المدينة فأتى مجالسَهم، فسمِعهم يقولون: لو يَعلمُ عدوُّنا ما قُذف في قلوبنا من الرعب بذنوبنا ما أرادوا قتالنا. فخرَج بختُنَصَّرَ حين سمع ذلك منهم، واشتد القيامُ على الجيش، فرجَعوا، وذلك قولُ اللهِ: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا﴾. ثم إن بني إسرائيلَ تَجَهَّزُوا، فغزَوُا النبطَ، فأصابوا منهم واستنقَذوا ما في أيديهم، فذلك قولُ اللهِ: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾ [الإسراء: ٦]. يقولُ: عددًا (٤).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: كان إفسادُهم الذي يُفْسِدُون في الأرض مرتين - قتل زكريا ويحيى بن زكريا، سلَّط الله عليهم سابور ذا الأكتافِ ملكًا مِن ملوك فارس؛ من قِبَلِ (٥) زكريا، وسلط عليهم بُخْتَنَصَّرَ؛ من قِبَلِ يحيى (٦).

حدَّثني عصامُ بن روَّادِ بن الجراحِ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا سفيانُ بنُ سعيدٍ


(١) بعده في م: "وكان".
(٢) في م، ت ١، ف: "صحايين" وفى نسخة من تاريخ المصنف: "صيحائين"، وفى نسخة منه: "صنحابي"، والمثبت موافق لنسخة من تاريخ المصنف، ينظر تاريخ المصنف ١/ ٥٤٧، ٥٨٨، ٥٨٩.
(٣) الأسوار والإسوار: قائد الفرس. اللسان (س و ر).
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٦٣ إلى المصنف من قول ابن مسعود.
(٥) في م: "قتل".
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٦٥ إلى المصنف.