للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم أن [يُفيقوا مِن الذي] (١) هم فيه (٢)؟ فقال له الملَكُ: يا نبيَّ اللَّهِ، كلُّ شيءٍ كان يصيبُنى مِنهم قبلَ اليومِ كنتُ أصبِرُ عليه، وأعلَمُ [أن ما بِهم] (٣) في ذلك سُخْطِى؛ فلما أتيتُهم اليومَ رأيتُهم في عملٍ لا يُرضِى اللَّهَ ولا يُحِبُّه اللَّهُ. فقال له نبيُّ اللَّهِ: على أيِّ عملٍ رأيتَهم؟ قال: يا نبيَّ اللَّهِ، رأيتُهم على عملٍ عظيمٍ من سُخطِ اللَّهِ، فلو كانوا على مثلِ ما كانوا عليه قبلَ اليومِ لم يشتدَّ عليهم غضبى، وصبَرتُ لهم ورجَوتُهم، ولكن غضِبتُ اليومَ للَّهِ ولك، فأتيتُك لأخبِرَكَ خبرَهم، وإنى أسألُك باللَّهِ الذي بعَثك بالحقِّ إلَّا ما دعوتَ عليهم ربَّك أن يُهلِكَهم. فقال إرميا: يا مَلِكَ السماواتِ والأرضِ، إن كانوا على حقٍّ وصوابٍ فأَبقِهم، وإن كانوا على سُخْطِك وعملٍ لا ترضاه فأَهلِكْهم. فلمّا (٤) خرَجت الكلمةُ من فِي إرميا (٥) أرسَل اللَّهُ صاعقةً مِن السماءِ في بيتِ المقدسِ، فالتهَب مكانُ القربانِ، وخُسِف بسبعةِ أبوابٍ مِن أبوابِها، فلما رأى ذلك إرميا صاح وشقَّ ثيابَه، ونبَذ الرمادَ على رأسِه، فقال: يا ملكَ السماء، ويا (٦) أرحم الراحمين، أين ميعادُك الذي وعَدتَنِى؟ فنودى: إرميا، إنهم لم يُصِبْهم الذي أصابهم إلا بفتياك التي أفتيتَ بها رسولَنا. فاستيقَن النبيُّ ﷺ أنها فُتياه التي أفتَى بها ثلاثَ مرَّاتٍ، وأنه رسولُ ربِّه، وطار إرميا حتى خالَط الوحشَ، ودخَل بختُنصرَ وجنودُه بيتَ المقدسِ، فوطِئ الشامَ، وقتَل بنى إسرائيلَ حتى أفناهم، وخرَّب بيتَ المقدسِ، ثم أمَر جنودَه أن يملأَ كلُّ رجلٍ منهم تُرسَه ترابًا


(١) في م: "يمتنعوا من الذي". وفى ت ١: "يرجعوا عن ما". وفى ت ٢، ف: " … (بياض) .. من الذي". والمثبت من ص موافق لما في التاريخ.
(٢) بعده في م: "مقيمون عليه".
(٣) في م: "أن مأربهم". وفى ت ١، ف: "إيمانهم". وفى ت: "أنماهم". وينظر ما تقدم في ٤/ ٥٩٠.
(٤) في م: "فما".
(٥) بعده في م: "حتى".
(٦) في م: "السماوات والأرض، بيدك ملكوت كل شيء وأنت".