للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحيى بن زكريا، أَعطِناه. قال: ويحَكم سلُونى غيرَ هذا، فقالوا: لا نسألُك غيرَه. فخاف على مُلكِه إن هو أخلَفهم أن يُستحَلَّ بذلك خَلْعُه، فبعَث إلى يحيى بن زكريا وهو جالسُ في محرابِهِ يُصلِّى، فذبَحوه في طَسْتٍ ثم حزُّوا رأسَه، فاحتمَله رجلٌ في يدَيه والدمُ يُحمَلُ في الطَّسْتِ معه، قال: فطلَع برأسِه يحمِلُه حتى وقَف به على الملكِ ورأسُه يقولُ في يَدَي الذي يحمِلُه: لا يَحِلُّ لك (١). فقال رجلٌ مِن بنى إسرائيلَ: أيُّها الملكُ، لو أنك وهَبتَ لى هذا الدمَ؟ فقال: وما تصنَعُ به؟ قال: أُطهِّرُ منه الأرضَ، فإنه قد كان ضيَّقها علينا. فقال: أعطُوه إياه. فأخَذه فجعَله في قُلّةٍ، ثم عمّد به إلى بيتٍ في المذبحِ، فوضَع القُلةَ فيه، ثم أغلَق عليه، ففار في القُلَّةِ حتى خرَج منها مِن تحتِ البابِ مِن البيتِ الذي هو فيه، فلما رأَى ذلك الرجلُ، فظِع (٢) به، فأخرَجه فجعَله في فلاةٍ من الأرضِ، فجعَل يفورُ، وعظُمت فيهم الأحداثُ، ومنهم مَن يقولُ: أَقرَّ مكانَه [في القربانِ] (٣) ولم يُحوَّلْ (٤).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: قال ابن إسحاقَ: فلما رفَع اللَّهُ عيسى من بين أظهرِهم وقتَلوا يحيى بنَ زكريا - وبعضُ الناسِ يقولُ: وقتَلوا زكريا - ابتعَث اللَّهُ عليهم مَلِكًا من ملوكِ بابلَ يقالُ له: خردوسُ. فسار إليهم بأهلِ بابلَ حتى دخَل عليهم الشامَ، فلما ظهَر عليهم أمَر رأسًا مِن رءوسِ جنودِه (٥) يُدعَى نَبُوزَرادانَ صاحبَ القتلِ. فقال له: إنى قد كنتُ حلَفتُ بإلهى لئن أنا ظهَرْتُ (٦) على أهلِ بيتِ


(١) بعده في م: "ذلك".
(٢) فظِع بالأمر يفظَع: إذا هاله وغلبه فلم يثق بأن يطيقه. ينظر اللسان (ف ظ ع).
(٣) سقط من: ت ١.
(٤) أخرجه ابن عساكر في تاريخه ١٨/ ١٠٣، ١٠٤ - مخطوط - من طريق ابن إسحاق قال: حدثني من لا أتهم عن عبد الله بن الزبير.
(٥) في م: "جنده".
(٦) في م: "أظهرنا".