للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ﴾. قال: ليلًا ونهارًا، كذلك جعَلهما اللَّهُ (١).

واختلَف أهلُ العربيةِ في معنى قولِه: ﴿وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾. فقال: بعضُ نحْويِّى الكوفةِ معناها: مضيئةً، وكذلك قولُه: لو ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾ [يونس: ٦٧]. معناه: مضيئًا. كأنه ذهَبَ إلى أنَّه قيل: مُبصِرًا. لإضاءتِه للناسِ البصرَ.

وقال آخرون: بل هو مِن: ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾. إذا صارَ الناسُ يُبصِرونَ فيه، فهو مبصرٌ، كقولِهم: رجلٌ مُجبِنٌ. إذا كان أهلُه وأصحابُه جبناءَ، و: رجلٌ مضعِفٌ. إذا كانت رُواتُه ضعفاءَ، فكذلك ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾ إذا كان أهلُه بصراءَ.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾. قال: جعَل لكم سبحًا طويلًا.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا﴾: أي بيَّناه تبيينًا.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه: وكلَّ إنسانٍ ألزمناه ما قُضِى له أنَّه عامِلُه وما (٢) هو صائرٌ إليه، من شقاءٍ أو سعادةٍ بعملِه في عُنقِه لا يفارقُه. وإنما قولُه: في ﴿أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ﴾. مَثَلٌ لما كانتِ العربُ تتفاءلُ به أو تتشاءمُ من سوانحِ الطيرِ (٣) وبوارِحِها (٤)، فأعلَمهم


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٧٧.
(٢) سقط من: م.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "الطوائر".
(٤) السوانح: جمع، سانح، وهو ما ولاك ميامنه. والبوارح: جمع بارح، وهو ما ولاك مياسره. والسانح يتبرك به، والبارح يتشاءم به. التاج (ب ر ح، س ن ح).