للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذُكِر عن مجاهدٍ ما حدَّثنا أحمدُ بنُ يوسفَ، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا يزيدُ، عن جريرِ بن حازمٍ، عن حُميدٍ، عن مجاهدٍ أنَّه قرأها: (ويَخرُجُ لهُ يومَ القيامةِ كتابًا). قال يزيدُ: يعنى: يخرجُ الطائرُ كتابًا (١).

هكذا أحسَبُه قرَأها بفتحِ الياءِ، وهى قراءةُ الحسنِ البصريِّ وابنِ مُحيصنٍ (٢)؛ وكأنَّ من قرَأ هذه القراءةَ وجَّه تأويلَ الكلامِ إلى: ويَخرُجُ له الطائرُ الذي ألزمناه عُنُقَ الإنسانِ يومَ القيامةِ، فيصيرُ كتابًا يقرؤه منشورًا. وقرأ ذلك بعضُ أهلِ المدينةِ (٣): (ويُخرَجُ لَهُ). بضمِّ الياءِ على مذهبِ ما لم يُسمَّ فاعلُه، وكأنَّه وجَّه معنى الكلام إلى: ويُخرَجُ له الطائرُ يومَ القيامةِ كتابًا. يريدُ: ويُخرِجُ اللَّهُ له ذلك الطائرَ قد صيَّره كتابًا، غير أنَّه قال: (يُخرجُ) (٤). لأنَّه (٥) نحَّاه نحوَ ما لم يُسمَّ فاعلُه.

وأولى القراءاتِ في ذلك بالصوابِ، قراءةُ من قرأَه: ﴿وَنُخْرِجُ﴾. بالنونِ وضمِّها، ﴿لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣)﴾، بفتحِ الياءِ وتخفيفِ القافِ؛ لأنَّ الخبرَ جرَى قبلَ ذلك عن اللَّهِ تعالى ذِكرُه أنَّه الذي ألزَم خلقَه ما ألزَم من ذلك؛ فالصوابُ أن يكونَ الذي يليه خبرًا عنه أنَّه هو الذي يُخرِجُه لهم يومَ القيامةِ، و (٦) أن يكونَ بالنونِ كما كان الخبرُ الذي قبلَه بالنونِ. وأما قولُه: ﴿يَلْقَاه﴾. فإنَّ في إجماعِ الحجةِ من القرأةِ على تصويبِ ما اخترنا من القراءةِ في ذلك، وشذوذِ ما خالفه، الحجةَ الكافيةَ لنا على تقاربِ معنى القراءتين، أعنى ضمَّ الياءِ وفتحَها في


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٦٨ إلى المصنف.
(٢) وهى أيضًا قراءة يعقوب. ينظر الإتحاف ١٧١.
(٣) هي قراءة أبى جعفر. ينظر الإتحاف ١٧١.
(٤) سقط من: ت ١، ت ٢، ف.
(٥) في م: "إلا أنه".
(٦) سقط من: م.