للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العملُ ﴿كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا﴾. قال معمرٌ: وتلا الحسنُ ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ [ق: ١٧]. يا ابن آدمَ بُسِطَتْ لك صحيفتُك، ووكِّل بك ملَكانِ كريمانِ؛ أحدُهما عن يمينِك، والآخرُ عن يسارِك. فأمَّا الذي عن يمينِك فيحفَظُ حسناتِك وأما الذي عن شِمالكِ فيحفظُ سيِّئاتِك، فأمْلِلْ (١) ما شئتَ، أَقْلِلْ أو أَكثِرْ، حتى إذا متَّ طُويَتْ صحيفتُك، فجُعلت في عنقِك معك في قبرِك (٢)، حتى تخرُجَ يومَ القيامةِ كتابًا تلقاه منشورًا، ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤)﴾، قد عدل واللَّهِ عليك مَن جعَلك حسيبَ نفسِك (٣).

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿طَائِرَهُ﴾: عمله، [ويَخرُج له ذلك] (٤) العملُ كتابًا يلقاه منشورًا.

وقد كان بعضُ أهل العربية يتأوَّلُ قولَه: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾: حظَّه (٥). من قولهم: طارَ سَهَمُ فلانٍ بكذا. إذا خرَج سهمُه على نصيبٍ من الأنصِباءِ، وذلك وإن كان قولًا له وجهٌ، فإنَّ تأويلَ أهلِ التأويلِ على ما قد بيَّنتُ، وغير جائزٍ أن يُتجاوزَ في تأويلِ القرآنِ ما قالوه إلى غيرِه، على (٦) أنَّ ما قاله هذا القائلُ، إن كان عنَى بقولِه حظَّه من العملِ والشقاءِ والسعادةِ فلم يُبعِدْ، فمعنى (٧) قولِه من معنى قولِهم.


(١) في م: "فاعمل".
(٢) في ف: "حجرك".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٧٤ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٦٨ إلى المصنف.
(٤) في م: "ونخرج له بذلك".
(٥) يعنى أبا عبيدة، ينظر المجاز ١/ ٣٧٢.
(٦) في ص، ت ١، ت ٢: "غير".
(٧) في م: "معني".