للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الأحسائي: الأزلام سبعة الفذ وله نصيب واحد، والتزأم وله نصيبان، والرقيب وله ثلاثة أنصباء والمصفح وله أربعة أنصباء، والنافس وله خمسة أنصباء، والفائز وله ستة أنصباء، والمعلى وله سبعة أنصباء، فإذا خرج لأحدهم المعلى، ولرسيله الفذ أخذ صاحب الفذ من الجزور سهما، وغرم من الثمن سبعة أسهم، وعلى هذا القياس في جميعها.

في الجَاهليةِ إلاَّ أنَّ أنْفُسَهُمْ ... مِن طِيبِهن بِهِ في الأشْهرِ الحُرُمِ

قال الشيخ: يقول هؤلاء الغلمة كأنهم في الجاهلية، إلا أن أنفسهم من طيبهن بالقنا كأنهن في الأشهر الحرم، لأنها آمنة بالرماح، والهاء في) به (راجعة إلى القنا والتذكير أشبه من التأنيث، والوجهان جائزان، وكانت العرب في الجاهلية تعظم الأشهر الحرم، ولا تسفك فيها الدم، وهي ثلاثة سرد، وواحد فرد، فالسرد: ذو القعدة، ذو الحجة، والمحرم، والفرد: رجب.

ما زِلتُ أُضْحِكُ إبلي كُلَّما نظَرَتْ ... إلى مَنِ اخْتَضَبَتْ أَخفَافُها بَدَمٍ

قال ابن جني: تعريض ينقص أهل مدينة السلام.

قال الشيخ: هذا البيت ذم لمن سار إليه غير فاتك، يقول ما زلت أضحك الإبل تعجبا من أني وإياها سرنا إلى من لا يحب أن نسير إليه، ويشهد بذلك ما بعد البيت من الأبيات، وكأن ضحك الإبل هزؤ بالمقصود، ولو كان البيت في صفة فاتك لكان في نهاية المدح، يقول ما زلت أضحك إبلي من الفرح إذا علمت أنها اختضبت أخفاقها بالدم إلى هذا المفقود المثل.

مَن اقْتضَى بِسوَى الهِنديّ حاجَتَه ... جابَ كلَّ سُؤَالٍ عَنْ هَلٍ بلمٍ

قال ابن جني: إذا قيل له هل أدركت حاجتك، قال لم أدركها، وجعل هل ولم اسمين فجرهما كما تقول هل حرف استفهام، ولم حرف نفي، وإن حكيت فحسن مستقيم.

صُنَّا قَوَائمَها عَنْهُمْ فما وَقَعتْ ... مَواقَعَ اللُّؤْمِ في الأيدي ولا الكَزَمِ

قال الشيخ رحمه الله: الكزم قصر اليد، يقول صنا قوائم السيوف عن أيدي هؤلاء القوم، لأنها لئيمة، فوصفها بالكزم مع اللؤم، وهذا المعنى قريب من قول جعفر بن علبة الحارثي:

نُقَاسِمُهُم أسيَافَنَا شرَّ قِسمَةٍ ... قَفِينَا غَوَاشِيهَا وفيهمْ صُدورُهَا

وقال الحارثي:

لَهْمُ صَدْرُ سَيِفِي يَوَمَ بَطحاءِ سَحبَلٍ ... ولي مِنهُ ما ضُمّت عليه الأناملُ

هَوّنْ على بَصَرٍ ما شَقَّ مَنظَرَهَ ... فإنما يَقَظاتُ العَيْنِ كالحُلمِ

قال الشيخ: هذا أمر بتهوين الدنيا على النفس، وألا يحفل بها الإنسان، لأن يقظاتها كالحلم، وقوله) ما شق منظره (أي ما كان النظر إليه يشق على الإنسان، وقد ذكر ذلك في قوله:

كَلامُ أكْثَرِ مَن تَلْقَى ومَنظَرُهُ ... مَّمِا يَشُقُّ على الأسَماعِ والحَدَقِ

[حرف النون]

من التي أولها:

نَزُورُ دَياراً ما نُحبُّ لها مَغْنى ... وَنَسْألُ فيها غيرَ سُكَّانهِا الإذْنَا

قال ابن جني: يقول: نسأل سيف الدولة أن يأذن لنا في التسرع إليها بالغارات، وتحصيل العلوفة وغير ذلك.

وَإنَّا إذا مَا المَوْتُ صَرَّحَ في الوَغَى ... لَبِسْنا إلى حَاجَاتِنا الضَّرْبَ والطَّعْنا

قَصَدْنا له قَصْدَ الحَبيبِ لِقاؤهُ ... ألَيْنا، وَقُلْنا للسُّيُوفِ هَلُمّنَّا

قال الشيخ: صرح أي صار صريحا خالصا، وقوله) لبسنا إلى حاجاتنا الضرب والطعنا (أي نلبس الضرب والطعن، أي نتقي بهما الأعداء كما يتقيها غيرنا بالدروع، الهاء في) الحبيب لقاؤه (عائدة على الموت، وقول) هلمنا (تستعمل) هلم (على وجهين، فمنهم من يقول للاثنين هلما، وللجميع هلموا، وللنسوة هلمن، وكان الشاعر أدخل النون الشديدة على قوله هلموا، كما تقول للجماعة اضربن ياقوم، وليس ذلك جائزا؛ لأنه جعل السيوف كأنها تعقل.

وقال الأحسائي: يريد قصدنا له قصد الشيء المحبوب إلينا لقاؤه، فلقاؤه مرفوع بالحبيب، وهو اسم المفعول، وحبيب بمعنى محبوب، وقوله) للسيوف هلمنا (بضم الميم على تذكير جماعة السيوف، هكذا كان ينشد والقياس كسر الميم للتأنيث، وحجته في ذلك أنه عظم السيوف، فأخرجها مخرج ما يعقل للمبالغة في تفخيمها، كما جمعت الأرض تعظيمها جمع مذكر ما يعقل، فقيل أرضون، وهذا مذهب العرب في التفخيم والمبالغة أن يذكروا المؤنث ويؤنثوا المذكر، كقولهم نسابة وعلامة.

<<  <   >  >>