للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٤- وقال الحسنُ: ما نعلم شيئًا أشدَّ من مكابدةِ الليلِ، ونفقةِ هذا المالِ، فقيل: ما بالُ المتهجدينَ من أحسنِ الناسِ وجوهًا، قال: لأنَّهم خلوا بالرحمنِ فألبسهم نورًا من نورِه. (١)

٥- قال الفضيلُ: إني لأستقبلُ الليلَ من أوَّلِه فيهولني طولُه فأفتتحُ القرآنَ فأصبحُ وما قضيتُ نهمتي. (٢)

فانظر يرعاك الله إلى اللذة التي يشعر بها حتى لا يشعر بالوقت بل يحسه قصيرًا في جانب مناجاته لربه. (٣)

وليس ذلك كل ليلة.. فحاشا أن يخالفوا سنةَ رسولِ اللهِ وإنما أخبر عن هذا الحديثِ ولو كان ليلةً.

٦- وقال أيضًا: إذا لم تقدر على قيامِ الليلِ وصيامِ النهارِ فاعلم أنَّك محرومٌ وقد كثرت خطيئتُك.

٧- كان للحسنِ بنِ صالحٍ جاريةٌ فباعها من قومٍ، فلما كان في جوفِ الليلِ قامت الجاريةُ فقالت: يا أهلَ الدارِ الصلاةَ الصلاةَ، فقال: أصبحنا؟ أطَلَع الفجرُ؟ فقالت: وما تصلون إلا المكتوبةَ؟! قالوا: نعم، فرجعَتْ إلى الحسنِ فقالت: يا مولاي بعتني من قومٍ لا يصلون إلا المكتوبةَ؛ رُدَّني، فرَدَّها.

٨- قال الربيعُ: بتُّ في منزلِ الشافعيِّ –رحمه اللهُ- ليالي كثيرةً فلم يكن ينامُ من الليلِ إلا يسيرًا.

٩- وكان أبو حذيفةَ يحيي نصفَ الليلِ فمرَّ بقومٍ، فقالوا: إنَّ هذا يحيي الليلَ كلَّه، فقال: إني أستحي أن أُوصفَ بما لا أفعلُ، فكان بعد ذلك يحيي الليلَ كلَّه.

وقد سبق أن بيَّنتُ أنَّ إحياءَ الليلِ كلِّه كلَّ ليلةٍ منهيٌّ عنه، فلعلَّ من روى ذلك عن أبي حذيفةَ اعتقد ذلك كما وصفوه بذلك من قبلُ؛ولم يكن يقومُ إلا نصفَ الليلِ.


(١) حياء علوم الدين ...
(٢) حياء علوم الدين ...

<<  <   >  >>