للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي أميل إليه أن الأحاديث في إيجاب الوضوء صحيحة، وضعيفها يعتضد بغيره، والأحاديث في ترك الوضوء كذلك صحيحة كما بينه كثير من أهل العلم بالحديث، فيبقى أن يقال أن القول بالنسخ أقرب وأولى؛ وذلك لأنه كان في بدء الأمر وأحاديث إيجاب الوضوء بعد ذلك، والقاعدة تقتضي القول بالنسخ إذا علم التاريخ للحديثين المتعارضين، ولم يمكن الجمع، والجمع بتأول الوضوء بأنه يقصد به غسل اليد مردود بالتصريح بإعادة الوضوء والصلاة في بعض الروايات، أما التأويل بأن مس الذكر كناية عن البول فهو بعيد متكلف، وإن كان هناك تأويل أو جمع محتمل فالذي أراه أنه ما كان من مس بشهوة فهو الموجب لأنه مظنة نزول المذي، والمذي يجب الوضوء منه، وما كان من مس بدون شهوة فهو كمن مس جزءً من جسده فليس فيه وضوء. والله أعلم.

المبحث الثالث:

هل النوم من نواقض الوضوء أم لا؟

وفي هذا المبحث اختلف الفقهاء اختلافاً كثيراً في النوم هل هو ناقض للوضوء أم لا؟

وقد تولد في اختلافهم مذاهب متعددة، ويرجع هذا الاختلاف إلى ورود بعض الأحاديث

المتعارضة ظاهراً.

فقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على أن النوم ناقض للوضوء كحديث صفوان بن عسال رضي الله عنه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم".

ومنها ما يدل على أن النوم غير ناقض للوضوء كحديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون".

وكحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: " بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، وفيه (ثم اضطجع فنام حتى نفخ وكان إذا نام نفخ، فأتاه بلال فآذنه بالصلاة، فقام فصلى ولم يتوضأ) .

ذكر الحديث الذي يدل على أن النوم ناقض للوضوء:

<<  <   >  >>