للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- أن الاستدلال بأحاديث عدم الوجوب لا يخلو من طعن إما في الدليل فيكون ضعيفاً كحديث "المضمضة والاستنشاق سنة" أو يكون وجه الدلالة غير صريح كالاستدلال بحديث" توضأ كما أمرك الله" أو " إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله"، فالاقتصار على ما ورد في الآية وانصراف الوجوب إلى ما ورد فيها فقط دون ما ثبت من أمره -صلى الله عليه وسلم-؛ أمر مخالف للمنهج الأصولي السليم، فلا يقال: إن ما أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقل مما أمر به الله، لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يأمر إلا بما أمره الله به.

وكذلك وجه الدلالة من حديث "عشر من الفطرة.." وورد فيها المضمضة والاستنشاق، فهذا استدلال من وجه ضعيف، فقد ورد في هذه العشر ما هو واجب كالاختتان.

إضافة إلى ما رد به الحافظ ابن حجر من أن السنن ليس المقصود بها المعنى الاصطلاحي، وإنما المقصود بها من هدي المرسلين، وهذه العشر تختلف في أحكامها.

وقد يرد على قوله" من الوضوء الذي لا تتم الصلاة إلا به" قول أن الصلاة بغير وضوء تكون صحيحة إلا أنها غير تامة، فهو على هذا الحديث سنة لا واجب.

وأيضاً فإنه قد يقال: إن الاستدلال بحديث" من الوضوء الذي لابد منه" على أن المضمضة وغيرها واجب ليس بصحيح، وذلك أن الضمير في "منه" عائد على الوضوء، والوضوء واجب للصلاة لابد منه، أما المضمضة وغيرها فإنها من الوضوء ولا يلزم كونها من الوضوء أن تكون واجبة، بل يجوز أن تسمى من الوضوء مع أنها سنة. والله أعلم.

المبحث السادس:

حكم تخليل اللحية الكثة في الوضوء.

لقد اهتم الإسلام بالنظافة وتنقية البشرة مما يعلق بها من أوساخ، وكان مما اعتنى به اللحية -وهي الشعر النابت على الذقن والعارضين-، فجاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مشروعية تخليلها، ولكن اختلف العلماء في المشروعية هل هي واجبة أم مندوبة.

<<  <   >  >>