للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- قال ابن حجر: " منسوخ وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية. وقد ذهب الجمهور إلى أن ما دل عليه حديث الباب من الاكتفاء بالوضوء إذا لم ينزل الجامع منسوخ بما دل عليه حديث أبي هريرة وعائشة المذكوران في الباب قبله، والدليل على النسخ ما رواه أحمد وغيره من طريق الزهري عن سهل بن سعد قال: حدثني أبي بن كعب أن الفتيا التي كانوا يقولون " الماء من الماء " رخصة كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص بها في أول الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد، صححه ابن خزيمة وابن حبان. وقال الإسماعيلي: هو صحيح على شرط البخاري، كذا قال، وكأنه لم يطلع على علته، فقد اختلفوا في كون الزهري سمعه من سهل. نعم أخرجه أبو داود وابن خزيمة أيضا من طريق أبي حازم عن سهل، ولهذا الإسناد أيضا علة أخرى ذكرها ابن أبي حاتم، وفي الجملة هو إسناد صالح لأن يحتج به، وهو صريح في النسخ. على أن حديث الغسل وإن لم ينزل أرجح من حديث الماء من الماء، لأنه بالمنطوق، وترك الغسل من حديث الماء بالمفهوم، أو بالمنطوق أيضا لكن ذاك أصرح منه. وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عباس أنه حمل حديث: "الماء من الماء " على صورة مخصوصة وهي ما يقع في المنام من رؤية الجماع، وهو تأويل يجمع بين الحديثين من غير تعارض" (١) .

قلت:

ذهب أكثر أهل العلم إلى النسخ في هذه الأحاديث، وذلك بما ورد عن أبي وغيره ممن كانوا يرون الأحاديث المرخصة، فلما ثبت هذا تبين لنا أن الرخصة كانت أول الإسلام، ثم جاء الأمر بالغسل من التقاء الختانين. وأدلة من ذهب إلى النسخ -وهم الغالبية من العلماء- أقوى وأرجح. والله أعلم.

المبحث الثالث:

غسل الجمعة.

الإسلام دين يأمر بالنظافة، ويحث عليها، ومن مظاهر ذلك الوضوء خمس مرات، والاغتسال من الجنابة والاغتسال من الحيض وغيرها.


(١) فتح الباري ١/٣٩٧، ٣٩٨.

<<  <   >  >>