للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يفهم من النصوص مجتمعة أن الأصل في غسل الجمعة الندب، لما ورد من أحاديث فضله وثوابه. إلا أنه يزيد هذا الندب ويتأكد في حق من يحصل منه الأذى بترك الغسل حتى يلتحق بالواجب. أما أن يكون شرطا لصحة الصلاة فهذا مردود بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أمر بالغسل كان في صلاة جمعة، ولم يكونوا مغتسلين ولم يأمرهم بالانصراف والاغتسال مع أن في الوقت متسع فدل ذلك أنه غير شرط لصحة الصلاة. ... والله أعلم.

المبحث الرابع:

هل يجب الغسل من تغسيل الميت.

اختلف العلماء في مسألة الغسل من تغسيل الميت، هل هو واجب أم لا، ويرجع سبب هذا الاختلاف إلى الأحاديث الواردة في هذا الشأن، فبعضها يستدل به على وجوب الغسل من تغسيل الميت، وبعضها الآخر يستدل به على عدم وجوبه.

فمما يستدل به على وجوب الغسل، قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من غسل الميت فليغتسل ومن حمله فليتوضأ".

ومما يستدل به على عدم الوجوب قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم".

فهذان حديثان مرفوعان يظهر بينهما التعارض والاختلاف.

ذكر ما استدل به على الوجوب:

عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ " (١) .

ذكر ما استدل به على عدم الوجوب:


(١) أخرجه أبو داود (٣/٢٠١) ، والترمذي (٣/٣٠٩) وقال: حديث أبي هريرة حديث حسن وقد روي هذا عن أبي هريرة موقوفا، وأخرجه ابن ماجة (١/٤٧٠) ، وأحمد (١٤/١٠٦) بتحقبق أحمد شاكر (٢/٢٨٠، ٤٣٣، ٤٥٤، ٤٧٢) ، وابن حزم (٢/٢٣) (١/٢٥٠) ، وابن حبان (٢/٢٣٩) ، والبيهقي (١/٣٠٠، ٣٠١، ٣٠٢، ٣٠٣) ، والطيالسي ص ٣٠٥، وضعفه النووي وأنكر على الترمذي تحسينه (المجموع ٥/١٨٥) ، وصححه أحمد شاكر (تحقيق المسند ١٤/١٠٦، ١٠٨) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (٢٣ / ٣٤٨) ، قلت: وهو حديث حسن لغيره.

<<  <   >  >>