للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الرواية تضعف هذا التأويل ويمكن تتميمه مع صحتها، ويحملنا على ذلك أن الحديث لم يقل أحد بظاهره، ومحال أن يصح وتعمل الأمة كلها بخلاف المراد منه" (١) .

وأما بالقول بالنسخ لحديث النهي كما قال ذلك البغوي. (٢)

وأما بحمل النهي على التنزيه جمعاً بين الأحاديث، قال الخطابي: "ومن الناس من يجعل النهي في ذلك على الاستحباب دون الإيجاب" (٣) .

وأما الفريق الثاني فقال: إن الأحاديث الصحيحة الثابتة ظاهرة الجواز إذا اجتمعا (٤) واحتج بقول عبد الله بن سرجس: " توضأ أنت ههنا، وهي ههنا، فأما إذا خلت به فلا تقربنه" (٥) .

وأما الفريق الثالث فأخذوا بحديث النهي.

كما خص بعض العلماء عن فضل طهور المرأة إذا كانت جنباً أو حائضاً وقد روي هذا عن ابن عمر.

قلت:

إن من ينظر في أدلة الجمهور يجدها أكثر وأصح وأقوى.

أما المذهب الثاني فإن دليله غير صريح الدلالة على أن المرأة إذا خلت به لم يصح الوضوء منه.

وأما ما جاء في هذا صريحاً فهو موقوف على ابن سرجس، والموقوف مخالف للمرفوع فلا يصار إليه، وأما المذهب الثالث فإن دليله صحيح كم حققنا ذلك، ولكن يجاب عنه بأجوبة متعددة، فإما أن يقال منسوخ كما ذهب إلى ذلك البغوي، وإما أن يقال: النهي فيه للتنزيه، وإما أن يحمل فضلها وسؤرها على ما سال منها بعد الوضوء على ما أفضلت. والله أعلم.

المبحث الثالث:

سؤر الكلب.

وفي باب النجاسات تختلف الأحاديث في سؤر الكلب فمنها ما يدل على أن نجاسته ومنها ما يدل ظاهره على طهارته فمما يدل على نجاسته:

١- (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار) .

ومما يدل على طهارته ما يلي:


(١) المجموع ٢/١٩١، ١٩٢ وقوله" لم يقل أحد بظاهره" متعقب بما روي عن أبي هريرة أنه ينهى عنه" تعقبه ابن حجر في فتح الباري ١/٣٠٠.
(٢) شرح السنة ٢/٢٧.
(٣) معالم السنن ١/٨٠.
(٤) أخرجه البخاري ١/٢٩٨.
(٥) أخرجه عبد الرزاق ١/١٠٧.

<<  <   >  >>