للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن حزم (١): "قلنا: نعم ولله الحمدُ فكان ماذا؟ وإن هذا لما يغبطُ باستعمالهِ مرارًا إن أمكن لفضله، وما علمنا للخطايا أجرامًا تحلُّ في الماء" ا هـ.

وقال ابن حزم (٢): "فلا يختلفُ اثنان من أهل الإسلام في أن كلَّ متوضئٍ يأخذ الماء، فيغسلُ به ذراعيهِ من أطراف أصابعهِ إلى مرفقِه، وهكذا كلُّ عضو في الوضوءِ، وفي غسل الجنابة، وبالضرورة والحسِّ يدري كلُّ مشاهد لذلك أن ذلك الماءَ قد وضئت به الكفُّ وغسلتْ، ثم غسل به أولُ الذراع ثم آخِرُهُ، وهذا ماء مستعمل بيقينٍ، ثم إنه يردُّ يده في الإناء وهي تقطر من الماء الذي طهر به العضْوَ، فيأخذُ ماءً آخَرَ للعضوِ الآخَرِ، فبالضرورة يدري كلُّ ذي حسٍّ سليم أنه لم يطهِّر العُضْوَ الثاني، إلا بماء جديدٍ قد مازجهُ ماءٌ آخَرُ مستعملٌ في تطهير عضوٍ آخَرَ، وهذا لا مَخْلَصَ منه" اهـ.

ثالثًا: الماءُ الذي خالطَهُ طاهرٌ؛ كزعفرانَ أو صابون أو عجينٍ أو غيرِ ذلك من الأشياء الطاهرة، التي تنفكُّ عنه غالبًا - طَهورٌ ما دام حافظًا لإطلاقه، فإِنْ خَرَجَ عن إطلاقهِ، بحيثُ لا يتناولُه اسمُ الماء المطلق، فيصبحُ طاهرًا في نفسِهِ، غيرَ مطهِّر لغيره.

لحديث أم عطيةَ - رضي الله عنها - قالت: لما ماتَتْ زينبُ بنتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالَ لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -." اغسلْنَهَا وِتْرًا، ثلاثًا، أو خَمْسًا، واجعلْنَ في الَخامسةِ كافورًا، أو شيئًا من كافور، فإذا غسَّلْتُنَّها فَأَعْلِمْنَنِي" قالت: فأعلمناهُ فأعطانَا حقْوَهُ - إزاره - وقال: "أشْعِرْنَها إياهُ"، اجعلْنَ الإزار شعارًا لها (٣).

ولحديث أم هانئ - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اغْتَسَلَ هُوَ وميمونةُ من إناءٍ واحدٍ، في قَصْعةٍ فيها أثَرُ العجين"، وهو حديث حسن (٤).

• ففي الحديثين وُجِدَ الاختلاط بين الماءِ والكافورِ، وبين الماء والعجين، إلا أنه لم يبلغْ من الكثرةِ ما يسلبُ إطلاقُ الماءِ عليه" فلذا جاز التطهُّر بهذا الماء (٥).


(١) "المحلى" (١/ ١٨٩).
(٢) السابق: (١/ ١٨٤).
(٣) أخرجه البخاري رقم (١٢٥٣)، ومسلم رقم (٩٣٩).
(٤) أخرجه النسائي (١/ ١٣١ رقم ٢٤٠)، وابن ماجه (١/ ١٣٤ رقم ٣٧٨)، ورجاله ثقات. قال المحدث الألباني في تحقيق "مثسكاة المصابيح" (١/ ١٥١): "رواه النسائي، وابن ماجه من طريق مجاهد عنها، ورجاله ثقات، لكن أعلَّه البيهقيُّ (١/ ٧ - ٨) بالانقطاع بين مجاهد وأم هانئ، لكن رواه النسائي من طريق عطاء، قال: حدثتني أم هانى به، وهو متصل وسنده حسن" اهـ.
(٥) "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (١/ ٨٧ - ٧٩)، بتحقيقي.

<<  <   >  >>