للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٧ - إذا اجتمعتْ جنائز عديدةٌ من الرجال والنساء، صُلِّي عليها صلاةً واحدةً، وجُعلت الذكور - ولو كانوا صغارًا - مما يلي الإمامَ، وجنائز الإناث مما يلي القبلة:

عن نافع بن عمر: "أنَّهُ صلى على تسع جنائزَ جميعًا، فجعلَ الرجالَ يَلُون الإمامَ، والنساء يلين القبلةَ، فصَفَّهُنَّ صفًّا واحدًا، وَوُضِعَت جنازةُ أُمِّ كلثوم بنتِ عليٍّ امرأةِ عمرَ بن الخطاب، وابن لها يقال له: زيد، وُضِعَا جميعًا، والإمامُ - أي الأمير - يومئذٍ سعيدُ بن العاص، وفي الناس ابنُ عباسٍ، وأبو هريرة، وأبو سعيدٍ، وأبو قتادة، فوضعَ الغلامُ مما يلي الإمامَ، فقال رجلٌ: فأنكرت ذلك، فنظرت إلى ابن عباسٍ، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وأبي قتادة، فقلت: ما هذا؟ قالوا: هي السُّنَّةُ"، وهو حديث صحيح (١).

٢٨ - يجوز أن يُصلي الإمام على كُلِّ واحدة من الجنائز المجتمعة صلاةً، لأنه الأصلُ، ولأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك في شهداء أُحُدٍ: عن عبد اللّه بن الزبير: أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أمر يومَ أُحُد بحمزة فَسُجِي ببردة ثم صلى عليه، فكبر تسعَ تكبيرات، ثم أُتي بالقتلى يُصَفُّون، ويُصَلِّي عليهم وعليه معهم"، وهو حديث حسن (٢).

٢٩ - تجوزُ الصلاةُ على الجنازة في المسجد:

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "لما توفي سعدُ بن أبي وقاص، أرسلَ أزواجُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمرُّوا بجنازته في المسجد، فيصلِّين عليه ففعلوا، فوقف به على حُجَرِهِنَّ يُصَلِّين عليه، أخرج به من باب الجنائز الذي كان إلى المقاعد، فبلغهنَّ أنَّ الناسَ عَابُوا ذلك، وقالوا: ما كانت الجنائزُ يُدْخَلُ بها إلى المسجد، فبلغ ذلك عائشةَ، فقالت: ما أسرعَ الناس إلى أن يعيشُوا ما لا علم لهم به، عابُوا علينا أن يُمَرَّ بجنازة في المسجد، ما صلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - على سُهيل بن بيضاء إلَّا في جوف المسجد"، وهو حديث صحيح (٣).


(١) أخرجه النسائي (٤/ ٧١ - ٧٢)، وابن الجارود رقم (٥٤٥)، والدارقطني (٢/ ٧٩ - ٨٠)، والبيهقي (٤/ ٣٣)، وعبد الرزاق رقم (٦٣٣٧)، وقال الشيخ الألباني - رحمه اللّه - في "أحكام الجنائز" ص (١٣٢): "وإسناد النسائي وابن الجارود صحيح على شرط الشيخين، واقتصر الحافظ في "التلخيص" (٢/ ١٤٦) على عزوه لابن الجارود وحدَهُ وقال: "وإسناده صحيح".
(٢) أخرجه الطحاوي في "معاني الآثار" (١/ ٢٩٠) وإسناده حسن، ورجاله كلهم ثقات معروفون، وابن إسحاق صرح بالتحديث، وانظر: "أحكام الجنائز" ص (١٠٦).
(٣) أخرجه مسلم رقم (١٠٠/ ٩٧٣)، وأبو داود رقم (٣١٨٩)، والترمذي رقم (١٠٣٣)، والنسائي (٤/ ٦٨)، وابن ماجة رقم (١٥١٨)، والبيهقي (٤/ ٥١).

<<  <   >  >>