للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رحمةً لهم، فقالوا: إنك تواصلُ، قال: "إني لستُ كهيئتكم؟ إني يُطعمني ربي ويسقين"، وهو حديث صحيح (١).

٥ - إنزال المني يفسد الصوم، لأنه مصحوب - عادة - بشهوة ودفق، سواء أنزل في مداعبة الزوجة، أم أنزل بالاستمناء، أم أنزل بالفكر، والنظر:

أ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصيامُ جُنَّةٌ فلا يرفُثْ ولا يجهل، وإن امرؤٌ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين، والذي نفسي بيده، لخَلُوفُ فم الصائم أطيبُ عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيامُ لي وأنا أجزي به، والحسنةُ بعشرِ أمثالها"، وهو حديث صحيح (٢).

وفي رواية (٣) بلفظ: "كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله: إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به يَدعُ الطعامَ من أجلي، ويدعُ الشرابَ من أجلي، ويدعُ لذته من أجلي، ويدعُ زوجتَه من أجلي، ولخلوفُ فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان، فرحةٌ حين يفْطِر، وفرحةٌ عند لقاء ربه"، بسند صحيح.

[ووجه الاستدلال]

أن قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: "يترك شهوته من أجلي"، و"يدع لذته من أجلي" يشمل جميع أفراد الشهوة واللذة؛ لأن كلمة "شهوته"، "لذته" مفرد مضاف، وهو من صيغ العموم، فالصائم مطالب بترك جميع شهوته ولذته، والمراد هنا شهوة الفرج، وهي تشمل إنزال المني على أي صورة، فإذا أنزل المني بطل صومه.

ب - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُ وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه أملككم لإرْبه"، وهو حديث صحيح (٤).

وفي رواية (٥): " … وأيكم يملكُ إِرْبَهُ كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يملك إِرْبَه"، وهي رواية صحيحة.


(١) أخرجه البخاري رقم (١٩٦٤)، ومسلم رقم (١١٠٥).
(٢) أخرجه البخاري رقم (١٨٩٤)، ومسلم رقم (١١٥١).
(٣) ابن خزيمة في صحيحه رقم (١٨٩٧).
(٤) أخرجه البخاري رقم (١٩٢٧)، ومسلم رقم (٦٥/ ١١٠٦).
(٥) رواه مسلم رقم (٦٤/ ١١٠٦).

<<  <   >  >>