للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثاني فصلُ تطهيرِ النَّجاسات

تُزالُ النجاساتُ بالماء، دون غيرهِ من المائعات المزيلةِ لعينِ وأثرِ النجاسة، كالخلِّ وماءِ الوردِ ونحوِهما؛ لأن الأصل في التطهير الماءُ، فلا يقوم مقامَه غيرُه إلا بإذن الشارع، كالدباغِ في تطهير الجلود، والدَّلكِ في تطهير أسفلِ النعلِ وغيره.

[١ - تطهير الثوب من بول الرضيع]

لحديث أبي السَّمح قال: كنتُ أخدمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فكان إذا أرادَ أن يغتسلَ، قال: "ولِّني قفاكَ" فأولِّيه قفايَ، فأسْتُرهُ به، فأتي بحسن أو حسينٍ - رضي الله عنهما -، فبال على صدره، فجئتُ أغسِلُهُ، فقال: "يُغْسلُ من بولِ الجاريةِ، ويُرشُّ من بول الغلام"، وهو حديث صحيح (١).

[٢ - تطهير الأرض]

إن الأرض التي أصابتْها نجاسةٌ ففي طهارتها وجهان:

الأول: صبُّ الماء عليها؛ لحديث أنس الصحيحَ (٢)، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن أعرابيًّا قام إلى ناحية المسجد، فبال فيها فزجره الناسُ، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما قضى بوله، أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذَنُوبٍ من ماءٍ فأُهْرِيقَ عليه".

والوجه الثاني: جفافُها ويُبْسُها بالشمسِ أو الهواءِ، وذهابُ أثرِ النجاسة؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنه - قال: كنت أبيتُ في المسجد في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكنتُ فتىً عَزَبًا، وكانت الكلاب تبول وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشُّون شيئًا من ذلك"، وهو حديث صحيح (٣).

قال ابن حجر (٤): "واستدل أبو داود في السنن على أن الأرض تطهُرُ إذا لاقتْها النجاسة بالجفاف، يعني أن قولَه: "لم يكونوا يرشون" يدل على نفي صب الماء من باب أولى، فلولا أن الجفاف يفيدُ تطهير الأرض، ما تركوا ذلك، ولا يخفى ما فيه" اهـ.


(١) أخرجه أبو داود رقم (٣٧٦)، والنسائي (١/ ١٥٨)، وابن ماجه رقم (٥٢٦)، وصححه ابن خزيمة (١/ ١٤٣ رقم ٢٨٣)، وصححه الحاكم (١/ ١٦٦)، ووافقه الذهبي.
(٢) سبق تخريجه في النجاسات رقم (١).
(٣) أخرجه أبو داود (٢/ ٤١ - مع العون)، والبغوي في "شرح السنة" (٢/ ٨٢)، وقال: حديث صحيح، والبيهقي (١/ ٢٤٣)، والبخاري في صحيحه معلقًا (١/ ٢٧٨ - مع الفتح).
(٤) في "فتح الباري" (١/ ٢٧٩).

<<  <   >  >>