للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلمَّا رأى شخصَهُ عرفَ أنَّهُ ربيئةٌ للقوم فَرَمَاهُ بسهمٍ فوضعَهُ فيه، فنزعه، حتى رماهُ بثلاثةِ أسهمٍ، ثم ركعَ وسجدَ، ثم انتبه صاحبهُ، فلما عرفَ أنَّهُمْ قد نَذَرُوا به هربَ، ولما رأى المهاجريُّ ما بالأنصاري من الدَّم، قال: سبحان الله! ألا أنبهتني أؤَّلَ ما رَمَى؟ قالَ: كنتُ في سورةٍ أقرأها، فلم أحِب أن أقطعها" وهو حديث حسن (١).

• ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اطلع على ذلك، ولم ينكرْ عليه الاستمرارَ في الصلاة بعد خروج الدم، ولم يُنْقَلْ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبره بأن صلاته بطلتْ، ولو كان الدم ناقضًا للوضوء لبيَّن له، ولمن معه، وكذلك لو كان الدمُ نجسًا لأوضحَ له ولمن معه، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوزُ.

• وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يخوضون المعاركَ حتى تتلوَّثَ أبدانُهم وثيابُهم بالدم، ولم ينقل أنهم كانوا يتوضؤون لذلك، وكذلك يصلُّون بجراحاتِهم.

ولأثر هشام بن عروة، عن أبيه، أن المسورَ بن مخرمةَ أخبر أنه دخل على عمرَ بنِ الخطابِ بعد أن صلى الصبحَ من الليلةِ التي طُعِنَ فيها عمرُ، فأوقِظَ عمرُ، فقيل له: الصلاةَ لصلاةِ الصبح، فقال عمرُ: نعم ولا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاةَ، فصلَّى عمرُ وجُرْحُه يثغُبُ دمًا" (٢).

• وللأثر الذي ذكره البخاري (٣): "عَصَرَ ابنُ عمر بُثْرَةً، فخرج منها الدمُ، ولم يتوضأ"، بإسناد صحيح.

وقال ابن حجر (٤): وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، وزاد قبل قوله: ولم يتوضأ "ثم صلى" اهـ.

• وللأثر الذي ذكره البخاري (٥): "وبزقَ ابنُ أبي أوفى دمًا فمضى في صلاته"، بإسناد صحيح.


(١) أخرجه أبو داود (١/ ١٣٦ رقم ١٩٨)، وأحمد في المسند (٣/ ٣٤٤، ٣٥٩)، والبيهقي (٩/ ١٤٠)، وفي "الدلائل" (٣/ ٣٧٩)، وابن خزيمة (١/ ٢٤ رقم ٣٦)، وابن حبان في صحيحه (٣/ ٣٧٥ رقم ١٠٩٦)، والدارقطني (١/ ٢٢٣)، والحاكم (١/ ١٥٦ - ١٥٧).
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٣٩ - ٤٠)، والبغوي في شرح السنة (٢/ ١٥٧ رقم ٣٣٠) بإسناد صحيح.
(٣) في صحيحه معلقًا (١/ ٢٨٠ رقم الباب ٣٤).
(٤) في "الفتح" (١/ ٢٨٢).
(٥) في صحيحه معلقًا (١/ ٢٨٠ رقم الباب ٣٤).

<<  <   >  >>