للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: ٥٩].

والمعنى إن اختلفتم أيها المؤمنون في شيء من أمر دينكم، فرُّدوه إلى الله، أي: فارتادوا معرفة حكم ذلك الذي اشتجرتم فيه من كتاب الله، فإن لم تجدوا علمَ ذلك في كتاب الله، فارتادُوا معرفة ذلك عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن كان حيًّا، أو بالنظر في سُنتهِ إن كان ميتًا (١).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "ما نَهيتُكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلُوا منه ما استطعتُم، فإنما أهلكَ الذين من قبلكم كثرةُ مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم" (٢).

وعن أبي رافع، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ألفينَّ أحدَكم مُتَّكئًا على أريكته، يأتيه الأمرُ من أمري مما أَمَرْتُ به أو نَهيتُ عنه فيقولُ: لا ندري، ما وجدنا في كَتاب الله اتبعْنَاهُ" (٣).

وقد حذّر اللّه تعالى من مخالفة أمر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣].

وعن أبي موسى - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما مَثَلي ومثلُ ما بعثني اللّه به كمثل رجل أتى أقوامًا فقال: يا قوم إني رأيتُ الجيشَ بعيني، وإني أَنا النذير العُرْيان (٤)، فالنجاء، فأطاعَهُ طائفة من قومه فأدلَجوا (٥)، فانطلقوا على مَهْلِهم فنَجَوا، وَكَذَّبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم فصبَّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحَهُم، فذلك مثلُ من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثلُ من عصاني وكذَّب بما جئتُ به مَن الحقِّ" (٦).


(١) "الجامع لأحكام القران"، للقرطبي (٥/ ٢٦١ - ٢٦٢).
(٢) وهو حديث صحيح: أخرجه مسلم في صحيحه (٤/ ١٨٣٠ رقم ١٣٣٧).
(٣) وهو حديث صحيح: أخرجه أبو داود (١٢/ ٣٥٦ - مع العون)، والترمذي (٧/ ٤٢٤ - مع التحفة)، وقال: "حديث حسن"، وفي بعض النسخ: "حسن صحيح"، وابن ماجه (١/ ٧ رقم ١٣)، والبغوي في "شرح السُّنَّة" (١/ ٢٠٠ - ٢٠١)، وقال: "هذا حديث حسن"، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (٧١٧٢).
(٤) وهو رجل من خَثْعَم، حمل عليه يوم ذي الخَلَصة .. فقطع يده ويدَ امرأته، … "لسان العرب" (١٥/ ٤٨)، أو هو ربيئة القوم وعينُهم يكون في مكانٍ عالٍ، فإذا رأى العدو قد أقبل نزع ثوبه، وألاح به لينذر قومه ويبقى عُريانًا، (النهاية: ٣/ ٢٢٥).
(٥) معناه: ساروا من أول الليل.
(٦) وهو حديث صحيح: أخرجه البخاري رقم (٧٢٨٣)، ومسلم رقم (٢٢٨٣).

<<  <   >  >>