للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤١ - قلت: ونحن مع شيخ الإسلام ابن تيمية في لزوم تدبر هذا الأصل، ووجوب التزامه في الدعوة في أيامنا هذه، فإن قوما ممن يتصدون للدعوة في هذه الأيام يرفضون هذا الأصل الملازم للشريعة والدعوة إليها، بحجة أن الدين قد كمل، وأنه من الواجب العمل به كله، غافلين، بل يجهلون طبائع النفس البشرية في نفورها من أصل التكليف، بله ثقله، فإذا جاءهم من يريد أن يسلم، أو من يريد أن يتعرف على الإسلام أكثروا عليه القول، حتى ينفر.

ومنهم - بتجربتي - من يبدأ، مع الغربيين، بمسائل من الشكل والفرعيات. ومنهم من يبدأ في تعريفهم بالإسلام، من الحدود ومنهم من يبدأ بالتعريف بتحريم الخمر والخنزير.

وقد قصدت قصدا إلى نقل عبارة الإمام ابن تيمية، لعلمي أنهم يقدسون قوله

تقديسا، ولا يردون له قولا، فها أنا أذكر قوله الواعي الناضج في فهم الشريعة والدعوة إليها على مدى الدهر، وكرّ الغداة ومر العشي، وهأنا أحدد مكانه تحديدا من مجلدات فتاواه.

والله يهدي من يشاء إلى صراطه المستقيم.

قال الإمام: ولا يعترض على هذا أن الدين قد كمل، والنعمة به قد تمت، وبكماله وتمام نعمته قد انتهى التدرج، لأن هذا الاعتراض يسلب الشريعة خاصتها التي بيّنت، ويكلف بما لا يطاق من العلم والعمل، وقاعدة التكليف في شريعة الإسلام هي: التكليف بما في الوسع، لا بما هو فوق الطاقة

(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ. . . . . . .) .

٤٢ - هذا، وكاتبُ هذه السطور ينفي نفيا قاطعا أن يكون في القرآن الذي تركه لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكتبه عنه كتاب الوحي، وعارضه معه جبريل عليه السلام، سنتين من

آخر عمره، حتى إذا كانت الأخيرة عارضه معه مرتين، والمدون في المصحف

بإجماع الصحابة، والذي حفظوه في الصدور قبل حفظه في السطور.

أقول هذا

<<  <   >  >>