للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٥٧) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (٦١) .

ومن عجائب هذا الحوار، وأخلاقه الإسلامية: قصة نصارى نحران، من أهل اليمن، الذين قدموا على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فأنزلهم في مسجده، وسلموا عليه فردّ - عليهم السلام، ولما حانت صلاتهم قاموا ليصلّوا، في مسجده، فهمّ الناس بمنعهم، فقال

الرسول - صلى الله عليه وسلم -: دعوهم!! ثم إنهم ناظروه، وقالوا له: أتريد أن نعبدك، أوَ ذلك تريد يا محمد؟ قال لهم: معاذ اللَّه أن أعبد غير اللَّه، أوآمر بعبادة غيره، ما بذلك بعثني ربي، ولا أمرني.

وفي ذلك نزلت الآية ٧٩ من سورة آل عمران: (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) .

دعاهم إلى إلهية اللَّه وحده فما آمنوا.

دعاهم إلى المباهلة فرفضوا.

دعاهم إلى كلمة سواء: ألا يعبدون إلا اللَّه فأبوا. . وما أصابهم، لرفضهم.

وإصرارهم على دينهم، أذى بالفعل أو بالقول، ولا أكرهوا على ما رفضوا، وترك ما هم عليه. بل عادوا إلى - بلادهم ومعهم (أمان) وعهد من الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ألا يؤذوا في

دينهم، ولا في كنائسهم. ..

وبهذا التوجيه القرآني، وتطيقاته تقرر في الإسلام مبدأ الحوار مع المخالف في الرأي والفكرة، والمخالف في الدين ودوّنت هذه المحاورات، وصارت جزءا من تاريخ المسلمين، يصورّ وجها من وجوه حضارة الإسلام، تجده في كتب الأدب العرب،

<<  <   >  >>