للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ (١) .

وعلى ذلك كله، فإن سلَّم العقلُ القلبَ من الشك والشرك، ومن الرياء والعُجْب والنفاق، وسلّمه من الغل والحسد، واستقر في القلب التوحيد واليقين، والإخلاص والتواضع، وسلامة النية، استطاع بذلك تمحيص ما يَرِد عليه من فتن، تتوالى عليه تترا كنسج الحصير عودًا عودًا، فيردّ عنه ما عقل أنه من صنوف الشر، حتى يعتاد ذلك ويكون له فيه مَلَكةُ تمييز، فتهرع الجوارح عندئذٍ جميعُها لطاعته وتسخّر له، وتعمل بما ذهب إليه ورضيه من خير، وإن لم يسلم من ذلك أطاعته أيضًا وعملت على معنى ما استقر فيه من الشرور، عندها - والعياذ بالله - تُقيَّض الشياطين لصاحبه، وتستهويه، وتوقع في صدره وسواسها، وقد تجري منه مجرى الدم، فتصرعه أو تؤزه على فعل المنكرات أزًا، حتى تورده مهالك الدنيا وسوء مصير الآخرة، عياذًا بالله تعالى من ذلك.

ثانياً: احفظ الله في بصرك. وقد وهبك الله عزّ وجلّ آلة الإبصار، وجعلها بريداً للقلب المتعقل، ونافذة إلى الروح، وإن المتأمل في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ليدرك - يقيناً - أن العين تتقلب في حال إبصارها في منازل متعلقة بالقلب وما يدركه من مشاعر، بل ومن عقائد تسير وفقها باقي الجوارح، فليست العين عند ابن آدم غرضًا وآلة للرؤية وحسب، بل إن لها أثراً بالغاً في كيان الإنسان بأكمله، لذا، فقد اتخذ إبليس هذه الوسيلة الكبرى لإغواء آدم عليه السلام وزوجه، ثم ما زالت


(١) سبق تخريجه ص١٠٧ بالهامش ذي الرقم (١) .

<<  <   >  >>