للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استخدام الجن (١) ، فإنْ كانت المقدِّمات متعلقةً بحساب الأحوال الفلكية وتأثيرها على الحوادث الأرضية سمي العرّاف عندئذٍ منجماً، فالتنجيم علم تخميني لا يقيني (٢) ، الغرض منه الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، والتمزيج بين تلك القوى الفلكية والقوابل الأرضية كما يزعمون (٣) . ومن التنجيم أيضاً ما يسمى بـ (الموالد) ، وهي أن يدعيَ بطريق معرفة النجم الذي كان طالعاً عند ولادة الشخص، أنه يكون سلطاناً أو عالماً، أو غنياً أو فقيراً، أو طويل العمر أو قصيرَه، ونحو ذلك (٤) . فإن خلت تلك المقدمات عن إخبار الشياطين وعن الاستدلال بسير الكواكب في مجاريها، سمي فاعل ذلك عرّافاً وحسب.

ومما يدخل في العرافة أيضًا: الاستدلال بقراءة الزهر، وبقراءة الفنجان، وبالضرب بالحصى، وبحساب الطالع، وبورق اللعب (الشدة أو الكوتشينة) ، والفتح بالسبحة، وقراءة الودَع، كل ذلك يعتبر من صنوف العرافة، إن لم يكن فيه إخبار من شيطان للعرّاف فإن تضمن ذلك كان كهانة، وإن تضمن قراءة جداول الكواكب وتفسيرالأرقام تبعاً لها، فيكون عندئذٍ تنجيماً. فالعرافة - كما سبق - لفظ عام قد ينفرد، وقد يندرج دونه مصطلحا الكهانة والتنجيم، وغيرهما، وذكر بعض أهل العلم أن الفرق بين العرافة والكهانة - مع أنهما يشتركان في دعوى الاطلاع على الغيب-: (أن العرافة تكون مختصة بالأمور الماضية، والكهانة مختصة بالأمور المستقبَلة) (٥) .


(١) انظر: فتح المجيد، للشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمهما الله.
(٢) انظر: تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات، لابن سينا، ص ٧٥.
(٣) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٣٥/١٩٢) .
(٤) انظر: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، للإمام الشنقيطي، (٤/٤٩٢) .
(٥) المرجع السابق نقلاً من كلام الفخر الرازي في تفسيره.

<<  <   >  >>