للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لديهم، كلٌ بحسب حال شارب القهوة!! فإن كانت فتاة قاربت سن العنوسة، سارع القارئ يزفّ إليها بشرى مَقْدم فارس الأحلام ممتطياً صهوة جواد لا يكبو، محمَّلاً بالورود والرياحين!! وإن كان تاجراً بُشِّر بربح وافر في عاجل تجارته، وربما في آجلها، وإن كان طالباً بُشِّر باجتياز الامتحان بتفوق تام على أقرانه، وما يستدعي العجب فعلاً تصديق أكثر الناس بذلك، حتى ولو بلغ أحدهم شأوًا مرموقاً في الثقافة وتبوأ منزلة مشهودًا له بها!! أما عامة الناس، فحدّثْ ولا حرج حيث صارت قراءة الفنجان - عند البعض - دأبهم في كل صباح، حيث تجتمع النسوة في دار إحداهن، ويبدأ من ثمَّ استعراض المهارات في القراءة الرمزية.

ولا يخفى أن جميع ذلك هو من ادعاء العِرافة، فإن حضر كاهن، رجل كان أو امرأة، فأخبر بما يخبره به شيطان الجن من نبإ، مدعياً أنه يستنبطه من أثر خطوط القهوة، زاد عندها الأمر سوءًا وتحولت العرافة إلى كهانة، حيث يجزم الناس - حال صدق الكاهن، ولو لمرة واحدة - بدوام صدقه ووجوب تصديقه، فيعتقدون أحقية اتباع رموز الفنجان، وبأن ارتسامها دال يقيناً على ما اختصّ الله تعالى بعلمه مما قُدّر للمرء في عاجل أمره وآجله! تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.

"ولا شك في أن هؤلاء المتكهنين من الكَذَبة المتخرِّصين من أهل الحَدْس والتخمين، إنما جعلوا هذه الحيل علامة عندهم.... فهؤلاء الكهنة يوهمون العامة معرفة مستقبل الأمور بالقراءة في الفنجان..... فإذا قُدّر إصابتُهم في بعض الأحيان، فإن ذلك من باب المصادفة، أو من إخبار الشياطين لهم بما تسترق من السمع، وأكثرهم كاذبون" (١) .


(١) انظر: القول المعين لأسامة المعاني ص ٣١٣، ونصُّ الكلام مختار من فتوى لفضيلة العلاّمة عبد الله الجبرين حفظه الله، وأمتع به.

<<  <   >  >>