للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُضعِف القوة الباصرة، أو صرف الأذهان بكلام تنشغل النفس به ريثما يُتِمّ المشعوذ عمله بسرعة، فيخيل للناظر غير ما ينظر إليه. يقول الإمام ابن كثير رحمه الله [وقد قال بعض المفسرين: إن سحر السحرة بين يدي فرعون إنما كان من باب الشعبذة، ولهذا قال تعالى: [الأعرَاف: ١١٦] {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} ، وقال تعالى: [طه: ٦٦] {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} ، قالوا: ولم تكن تسعى في نفس الأمر، والله أعلم] (١) .

٥- سحر الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب الآلات المركبة على النِّسَب الهندسيَّة تارة، وعلى ضروب الخيلاء أخرى، كفارس على فرس في يده بوق كلما مضت ساعة من النهار ضرب البوق من غير أن يمسه أحد، وهذا في الحقيقة لا ينبغي أن يُعدَّ من باب السحر (٢) ، لأن لها أسبابًا معلومة يقينية من اطلع عليها قدر عليها، لكن لعسر تعلم ذلك عَدّ أهل الظاهر ذلك من باب السحر.

قال الإمام ابن كثير بعد ذكره لهذا النوع: [ومن هذا القبيل حيل النصارى على عامتهم مما يُرُونهم إياه من الأنوار؛ كقضية القُمامة التي لهم ببيت المقدس، وما يحتالون به من إدخال النار خفية إلى الكنيسة وإشعال ذلك القنديل بصنعة لطيفة تروج على العوام منهم، أما الخواص منهم فيعترفون بذلك، ولكن يتأولون أنهم يجمعون شمل أصحابهم على دينهم!!] (٣) .


(١) انظر: تفسير ابن كثير ص١٣٠. ط - بيت الأفكار.
(٢) يدخل في ذلك ما استجد في عصرنا من عجائب الصنائع وباهر المخترعات، منها أدوات الاتصال، والحواسيب الآلية، ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وآلات التنقل، ورفع أثقال هائلة بمبدأ «الهيدروليك» ، وذلك باستخدام الطاقة الحركية للسوائل، وغيره كثير مما يصعب حصره، والحال أن أسبابه قد صارت معلومة عند الناس، لكنها لو عُرِضت على أسلافنا لجزموا - لخفاء سببها - بأنها من عجيب السحر، وأنه لا يقدر عليها إلا من تولى كِبْر السحر وسَبَر غَوْره!!.
(٣) انظر: تفسير ابن كثير ص ١٣١. ط - بيت الأفكار.

<<  <   >  >>