للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصولاً جَفْرية (١) ، وحروفًا نورانية، وطبًا روحانيًا وحكمة علية، وهي في حقيقتها أبعد ما تكون عن الروح والعلم والحكمة والبركة والنفع، بل هي متسمة بأضداد ذلك، وقد اتصف أهلها كذلك بالزيغ والإفساد فكانوا ممن ألقت شياطينهم إليهم زخرف القول غرورًا، وأزّتهم على الإضلال أزًّا، ومنّتهم بقدرة فائقة على التحكم بمصائر الناس، بطريق أوحت به إليهم: أنْ راقبوا أوضاع الأفلاك، وناسبوا ذلك بأحرف وأعداد، واستجلبوا روحانية تلك الكواكب وخدامها من الجن والأملاك، فإنهم يسبغون عليكم من سحائب فضلهم كما يغيثونكم بوابل بركتهم، إن أنتم استدعيتموهم بأبخرة يحبونها، وبإقسامات وعهود يلتزمونها، لا يستطيعون فكاكًا منها ولا تحويلاً عنها!! هكذا صدّق إبليس عليهم ظنه، فاستخفّ عقولهم وعلّق قلوبهم بسراب يحسبه الظمآن ماءً، فهم يسعون إليه بكليتهم، يتعلمون منه فنون السحر بمشقة بالغة، وبرياضات وخلوات قاهرة، ولو شاء شيطانهم لوفّر عليهم ذلك العناء المضني والتعلم المفني، فعاونهم


(١) علم الجَفر: علم يُبحث فيه عن الحروف من حيث هي بناء مستقل بالدلالة، ويُعرف من هذا العلم - بزعمهم - حوادثُ العالم إلى انقراضه، ويُنسب فيه إلى علي رضي الله عنه كتابان: الجفر والجامعة، قد ذكر فيهما على طريقة علم الحروف الحوادث التي تحدث إلى انقراض العالم. انظر: موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، للعلاّمة التهانوي (١/٥٦٨) . ... هذا وقد توسع قوم في الخوض بهذا، ثم نسبوا كل ما بدا لهم إلى علي رضي الله عنه؛ وصنفوا في ذلك مصنفات حوت أوفاقًا وحروزًا، ودوائر سمَّوها عروش الحروف وأبراج النجوم وحروفها وأملاكها وجداول تضمنت منازل القمر، حتى إنهم وصلوا إلى استنطاق جداول الحروف لمعرفة الغيب، مما هو من عمل المنجمين السحرة، وقد ادعوا أن ذلك كله من القواعد الجفرية، وقد عظموا شأن هذه القواعد حتى قال قائلهم: من علم هذه القواعد الجفرية لم تخف عليه ذرة من الوجود! ومن كتب الجفر وحمله معه أطاعته جميع المخلوقات ولم يعاده أحد، ومن عاداه انقاد له، ومن صحبه في سفر حصل مراده. ... انظر: «الكواكب الدرية في الأصول الجفرية» لعثمان العمري، وانظر: كذلك: «قواعد الجفر» لحسن الأخلاطي.

<<  <   >  >>