للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجمهور بالقتل مطلقًا، بما يُشعر بأن ترجيحه فيه عنده نظر، وبخاصة إذا عرفت أنه قد صرّح في موضع آخر بوجوب قتل ساحر أهل الذمة، وأنه لا يكون أشد حرمة من ساحر المسلمين، بل يقتل كما يقتل ساحر المسلمين (١) . كذلك فقد رجّح الإمام القرطبي منع قتل الساحر إلا إن اشتمل سحره على كفر، فقال بعد أن نقل قول ابن المنذر بهذا المذهب واحتجاجه له، قال: قلت: وهذا صحيح، ودماء المسلمين محظورة لا تستباح إلا بيقين ولا يقين مع الاختلاف، والله تعالى أعلم (٢) .

ولعلّ المختار في ذلك ما كاد أن يكون إجماعًا من كثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣) ، وتابعيهم (٤) ومن تبعهم (٥) ، وكان عليه عملهم، من وجوب قتل الساحر مطلقًا لردته بسحره، سواء أتى بسحره بمكفِّرٍ، أو قتل به نفسًا معصومة أم لا. وهو مذهب الأئمة: أبو حنيفة ومالك وأحمد في أصح الروايتين - كما ذكر آنفًا - وقد رجح ذلك صاحب المغني (٦) ، كما رجحه العلامة ابن عثيمين رحمه الله (٧) والحافظ أبو بكر المالكي رحمه الله (٨) . وقد يكون مناسبًا في هذا المقام إيراد أقوال بعض الأئمة الناقلين لوجوب قتل الساحر مطلقًا:


(١) انظر: أضواء البيان له (٤/٥١١) .
(٢) انظر: تفسير القرطبي (٢/٤٨) .
(٣) من القائلين بذلك من الصحابة: عمر، وعثمان، وعبد الله بن عمر، وحفصة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجندب البجلي، وأبو موسى الأشعري.
(٤) من التابعين القائلين بوجوب القتل مطلقًا: عمر بن عبد العزيز، عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، الحسن البصري، وغيرهم، وعدّتهم سبعة كما ذكر القرطبي في تفسيره (٢/٤٧) .
(٥) من تابعي التابعين القائلين بذلك: أبو حنيفة ومالك وأحمد وأبو ثور وإسحاق بن راهْوَيْه وابن شهاب.
(٦) انظر: المغني مع الشرح الكبير، لابن قدامة المقدسي (١٠/١١٦) .
(٧) انظر: المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين (٢/١٣٤) .
(٨) انظر: عارضة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للإمام أبي بكر المالكي (٣/١٩٥) .

<<  <   >  >>