للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما تقرر عند صاحب التعريف من كون السحر له حقيقة مؤثرة أم أنه مجرد خُدَع وتخييلات لا أثر لها (١) . وسأشرع بذكر تلك التعريفات، مستعينًا بالله تعالى:

١- ... [السحر: عبارة عن عُقَد ورقًى وكلامٍ يتكلّم به الساحر، أو يكتبه، أو يعمل شيئًا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له (٢) ، وله حقيقة، فمنه ما يقتل، وما يُمرِض، وما يأخذ الرجلَ عن امرأته فيمنعه وَطْأَها، ومنه ما يفرِّق بين المرء وزوجه، وما يُبغِّض أحدهما إلى الآخر، أو يحبّب بين اثنين] (٣) .

٢- ... [السحر: نوعٌ يستفاد من العلم بخواصّ الجواهر (٤) ، وبأمور حسابية في مطالع النجوم (٥) ، فيُتخَذ من تلك الجواهر هيكل مخصوص على صورة


(١) قد يستغرب المرء ابتداء ذهاب بعض أهل العلم لإنكار حقيقة السحر مع كونه ثابتًا في الكتاب والسنة الصحيحة - كما سبق -[لكن محلّ النزاع في المسألة: أنه هل يقع بالسحر انقلاب عينٍ - جسم محسوس - أم لا؟ فمن قال إنه تخييل فقط منع ذلك، ومن قال إن له حقيقة منهم قَصَر تأثيره على تغيير المزاج فيكون نوعًا من الأمراض - لأن النظر إلى واقع الحال ينفي إقامة البرهان على قدرة الساحر على تصيير الجماد حيوانًا مثلاً وعكسه - وهو الذي عليه جمهورهم - وذهبت طائفة قليلة إلى الثاني] . انظر: فتح الباري (١٠/٢٣٣) . والمقصود بالقول الثاني: أن السحر قد يقلب الأعيان فيُحيلها من صورة إلى أخرى.
(٢) معنى: (من غير مباشرة له) ، أي: أنه لا يشترط مماسة الساحر لبدن المسحور، أو لأثر منه، بل يمكن للسحر أن يعمل بمجرد العَقْد مثلاً مع النفث أو التكلم، أو الكتابة، ونحو ذلك.
(٣) التعريف للإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله. انظر: المغني له (١٠/١٠٤) .
(٤) [الجواهر، ج/ جوهر، وهو لفظ يطلقه المتكلمون والفلاسفة، يقصدون به كل متحيز بذاته، وقد يتركب منه غيره، وهو خلاف العَرَض، وهو جزء من غيره ليس له حقيقة بذاته] . انظر: موسوعة الكشاف للتهانوي، (١/٦٠٢) [الجوهر] . والمقصود هنا بخواص الجوهر: ما جُعِل في المواد التي يستعملها السحرة من نحو زئبق وبخور وحلتيتٍ وزعفران وغير ذلك، من صفات يدّعون تناسبها مع مزاج الأفلاك والكواكب السبع السيارة، وكذلك مع ما تحبه الموكلون بها - بزعمهم - من ملائكة، حاش لهم ذلك عليهم السلام.
(٥) مطالع النجوم، جـ/ مطلع بمعنى زمان طلوعها من جهة الأفق الشرقي. انظر: موسوعة الكشاف أيضًا. (٢/١٥٦٦) [المطلِع] .

<<  <   >  >>