للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البعض تعريفَ السحر لغةً، ومايَزَ آخرُ بينهما، واقتصر أحدها على بيان نوع من أنواعه كالتنجيم، واختصر آخر أعماله المخصوصة فلم يُمثِّل لها، كما لم يُبيِّن أثرها.

التعريف المختار:

إن هذا التباين بين هذه التعريفات هو ما حدا بالعلاّمة التهانوي في كشّافه - على كثرة بحثه وسعة اطلاعه - إلى القول: [لم يصل إليّ تعريف يعوّل عليه في كتب الفقه] ، ثم إنه عرّف السحر بما يجمع غالبًا بين جميع ما سبق من تعريفات، فقال: [والأقرب أنه الإتيان بخارق عند مزاولةِ قولٍ أو فعل محرّمٍ في الشرع، أجرى الله سبحانه سنته عنده ابتلاءً] (١) . ولو جاز لنا - توضيحًا - تعديل طفيف على تعريفه هذا، لقلنا إن التعريف المختار للسحر هو: إتيان نفس شريرة أمرًا خارقًا - ضارًا غير نافع - عند مزاولتها قولاً أو فعلاً محرّمًا في الشرع، أجرى الله سبحانه سُنّته - الكونية - عنده ابتلاءً.

شرح وجيز للتعريف، مع بيان محترزاته:

(إتيان) : دلت على مباشرة الساحر السحرَ، لا مجرّد تعلّمه، أو تعليمه.

(نفس شريرة) : دلت على أن من شرط إعمال السحر أن يقوم بمزاولته [نفس خبيثة، ينفصل عنها نَفَس ممازج للشر والأذى مقترن بالريق الممازج لذلك، والحال أن تلك النّفْس قد تساعدت والروح الشيطانية على أذى المسحور. قال تعالى: [الفَلَق: ٤] {وَمِنْ شَرِّ النَفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ *} ، فإن النفاثات هنا: هن الأرواح والأنفس الخبيثة، لا النساء النفاثات وحسب، لأن تأثير السحر إنما هو من جهة تلك الأنفس الخبيثة والأرواح الشريرة، وسلطانه إنما يظهر منها، فلهذا ذكرت النفاثات هنا بلفظ التأنيث


(١) انظر: موسوعة كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم للعلاّمة، محمد علي التهانوي (١/٩٣٥) .

<<  <   >  >>