للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب الثَّالِث عشر نَوَادِر أَصْحَاب الشَّرَاب والسكارى

قَالَ بَعضهم: إِذا رَأَيْت الرجل يشرب وَحده، فَاعْلَم أَنه لَا يفلح أبدا، وَإِذا لم يشرب إِلَّا مَعَ الإخوان فارج لَهُ الإقلاع. كَانَ بعض أَوْلَاد الْمُلُوك إِذا شرب وسكر، عربد على ندمائه، وَكَانَ إِذا صَحا ينْدَم، ويستدعي من عربد عَلَيْهِ وَيُعْطِيه ألف دِرْهَم وَمَا يقاربها، فَقَالَ لَهُ بَعضهم يَوْمًا: أَنا رجل مضيق، وَأَنا مَعَ ذَلِك ضَعِيف وَلَا أحتمل عربدة بِأَلف دِرْهَم فَإِن رَأَيْت أَن تعربد عَليّ بِمِائَتي دِرْهَم، فَقلت: فاستظرفه وَأَعْطَاهُ وَأحسن إِلَيْهِ. سقط سَكرَان فِي كنيف قد امْتَلَأَ، فَجعل يَقُول: يَا أَصْحَابِي ماللقعود هَاهُنَا معنى. قَالُوا: للنبيذ حدان، حد لَا هم فِيهِ، وحد لَا عقل فِيهِ، فَعَلَيْك بِالْأولِ وَاتَّقِ الثَّانِي. كَانَ أَبُو نواس يَقُول: خمر الدُّنْيَا، خير من خمر الْجنَّة وَقد وصفهَا الله تَعَالَى بِأَنَّهَا لَذَّة للشاربين. فَقيل: كَيفَ؟ قَالَ: لِأَن هَذَا نموذج والأنموذج من كل شَيْء أبدا أَجود. قيل لبَعْضهِم: فلَان هَل يشرب الْخمر؟ قَالَ: نعم إِذا اشْترِي بِثمن لحم خِنْزِير مَسْرُوق. قَالَ رجل لبَعض أَصْحَاب النَّبِيذ: وجهت إِلَيْك رَسُولا عَشِيَّة أمس، فَلم يجدك، قَالَ: ذَاك وَقت لَا أكاد أجد فِيهِ نَفسِي. قَالَ أَبُو العيناء: النَّبِيذ بمكسود الْغم.

<<  <  ج: ص:  >  >>