للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب السَّابِع نَوَادِر فِي الْجُود والسخاء ومحاسن الْأَخْلَاق

كَانَ هرم بن سِنَان آلي على نَفسه أَلا يسلّم عَلَيْهِ زُهَيْر إِلَّا أعطَاهُ، فقلّ مَال هرم فأبقى عَلَيْهِ زُهَيْر، فَكَانَ يمر بالنادي، وَفِيه هرم، فَيَقُول: أنعموا صباحاً مَا خلا هرماً وَخير الْقَوْم تركت. آتى الْحسن بن شهريار الْحسن بن سهل فكلّمه فِي رجل فَقَالَ لَهُ: الْعِيَال متوافرون، والضياع متحيّفة، والوظائف قَائِمَة، وَذُو الْعَادة لَا يرضيه دون عَادَته، وَقد أمرت لَهُ بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم، فَقَالَ لَهُ الْحسن بن شهريار: إِنَّمَا مِقْدَار الرجل الَّذِي سَأَلتك أَن يُعطى ألفا وألفين، فَقَالَ: يَا حسن، إِن لكل شَيْء زَكَاة، وَزَكَاة الجاه بذله، فَإِذا أجْرى الله لإِنْسَان على يدك خيرا فَلَا تعترض فِيهِ. كَانَ طَلْحَة بن عبد الله بن عَوْف الزُّهْرِيّ أَجود قُرَيْش فِي زَمَانه، فَقَالَت لَهُ امْرَأَته: مَا رَأَيْت قوما الْأُم من إخوانك، قَالَ لَهَا، لمه وَأَنِّي قلت؟ قَالَت: أَرَاهُم إِذا أَيسَرت أتوك، وَإِن أعسرت تركوك، قَالَ: هَذَا وَالله من كرمهم، يأتوننا فِي حَال الْقُوَّة عَلَيْهِم، ويتركوننا فِي حَال الْعَجز عَنْهُم. بعث روح بن حَاتِم بن الْمُهلب إِلَى رجل بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم، وَكتب إِلَيْهِ: قد وجّهت إِلَيْك بِمَا لَا أقلله تكبراً، وَلَا أَكْثَره تمنناً، وَلَا أستثيبك عَلَيْهِ ثَنَاء، وَلَا أقطع لَك بِهِ رَجَاء. وصف رجل خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي بالشجاعة، ورد عَلَيْهِ بعض من حضر وَقَالَ: إِن خَالِدا لم يشْهد حَربًا قطّ، فَقَالَ لَهُ صَاحبه: اسْكُتْ فَإِن الصَّبْر عِنْد الْجُود أعظم من الصَّبْر عِنْد الْبَأْس. لما قُتل جَعْفَر بن يحيى قَالَ أَبُو النواس: مضى وَالله الْكَرم والجود وَالْأَدب وَالْعقل، فَقيل لَهُ: وَيحك! تهجوه فِي حَيَاته وتمدحه فِي مماته؟ فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>