للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب الثَّانِي وَالْعشْرُونَ نَوَادِر الحمقى والمغفلين

كَانَ للمهدي ابْن يُقَال لَهُ: يَعْقُوب يُحمّق، وَكَانَ إِذا خطر بِبَالِهِ الشَّيْء فيشتهيه دَعَا بدفتر فِيهِ ثَبت مَا فِي خزانته فيكتبه هُنَاكَ. فضجّ خازنه وَقَالَ: يَا سَيِّدي، تُئبت عليّ مَا لَيْسَ فِي الخزانة؟ فَكَانَ بعد ذَلِك يُثبت الشَّيْء ثمَّ يُثبت تَحْتَهُ: لَيْسَ عِنْده ذَلِك، وَإِنَّمَا أثبتّه ليَكُون ذكره عِنْده إِلَى أَن نملكه. ووُصف ذَلِك لِلْمَأْمُونِ فكذّب بِهِ حَتَّى أحضر دفتراً لَهُ فِيهِ ثَبت ثِيَاب بِخَطِّهِ، وَفِيه: وَمن الثِّيَاب المثّقلة الإسكندرانية لَا شَيْء، أسْتَغْفر الله، بل عندنَا زر من جُبَّة كَانَ للمهدي رَحمَه الله، وَمن الفصوص الْيَاقُوت الْأَحْمَر البهرمان الصافية لَا شَيْء، أسْتَغْفر الله، بل عندنَا درج كَانَ فِيهِ للمهدي خَاتم هَذِه صفته، وَأَشْيَاء تشبه هَذَا. فَلَمَّا قَرَأَ الْمَأْمُون استفرغ ضحكاً، وَقَالَ: مَا ظَنَنْت أَن مثل هَذَا يُخلق وَلَا سَمِعت بِمثلِهِ فِيمَا مضى. وَيَعْقُوب هَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ يتبخر بمثلثة، وفسا والمجمر تَحْتَهُ، فَقَالَ: لَيست هَذِه الْمُثَلَّثَة بطيّبة، فَقَالَت دايته: كَانَت طيبَة وَهِي مثلّثة فَلَمَّا ربّعتها أَنْت فَسدتْ. قَالَ إِسْحَاق الْموصِلِي: تَذَاكر قوم من نزار واليمن أصنام الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ رجل من الأزد عِنْدِي - وَالله - الْحجر الَّذِي كَانَ قَومنَا يعبدونه. قَالُوا: وَمَا ترجو بِهِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا يكون! وَقَالَ إِسْحَاق: سَمِعت كيسَان يسْأَل خلفا يَقُول لَهُ: يَا أَبَا مُحرز، عَلْقَمَة بن عَبدة جاهلي أَو من بني ضبة؟ فَقَالَ: يَا مَجْنُون، صحّح الْمَسْأَلَة حَتَّى يصحّ الْجَواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>