للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: نَازع رجلٌ من بني عدي بن كَعْب، يُقَال لَهُ: مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، مُوسَى بن عبد الله بن حسن بن حسن - رَضِي الله عَنْهُم - فِي بِئْر احتفرها، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحسن، مَا وفقت فِيمَا صنعت، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: وَمن أَنْت حَتَّى تَقول هَذَا؟ قَالَ: أَنا من تعرف، قَالَ: أعرفك دنيا فِي قُرَيْش تحملك القوادم. فَلم يجبهُ الْعَدْوى، ثمَّ التقيا، فأحد مُوسَى النّظر إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْعَدْوى: أتحد النّظر إِلَى وتستطيل بالخيلاء عَليّ؟ أغرك حلمي وعفوي عَمَّا كَانَ مِنْك؟ الْخَيْر لَك أَن تربع على ظلعك، وتقيس شبرك بفترك، وتعرف حالك من حَال غَيْرك. فَقَالَ مُوسَى: مَا أعدك وَلَا أَعْتَد بك، وَإنَّك للغوى العيي، الْقَرِيب من كل شرٍ، الْبعيد من كل خيرٍ. وَأما ذكرك شبرى وفتري فَإِن فتري من شبري، وشبري من فتري، من كف رحبة الذِّرَاع طَوِيلَة الباع، بِقِيمَتِهَا مَا يقعدك ويرفعها مَا يخفضك، وَمهما جهلت مني فَإِنِّي عَالم بِأَنِّي خير مِنْك أما وَأَبا ونفساً وَإِن رغم أَنْفك، وتصاغرت إِلَيْك نَفسك. وروى أَن مُوسَى بن عبد الله دخل على الرشيد فعثر بالبساط، فَضَحِك الخدم؛ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِنَّه ضعف صَوْم لَا ضعف سكرٍ. وَكَانَ الْمَنْصُور قد حبس مُوسَى مَعَ أَبِيه وعمومته، ثمَّ أفرج عَنهُ على أَن يظْهر أَخَوَيْهِ، فاستتر عَنهُ إِلَى أَن خرج مَعَ أَخَوَيْهِ، ثمَّ استتر أَيْضا، فظفر بِهِ الْمَنْصُور، وضربه ألف سوطٍ، فَمَا نطق بِحرف؛ فَقَالَ الرّبيع: مَا عجبي لصبر هَؤُلَاءِ الشطار، وَلَكِن عجبي من هَذَا الْفَتى الَّذِي لم تره الشَّمْس. وَسمع مُوسَى قَوْله فَقَالَ: الصَّبْر وَأَنت على الْحق أولى مِنْهُ وَأَنت على الْبَاطِل، وَأنْشد: إِنِّي من الْقَوْم الَّذين يزيدهم ... جلدا وصبراً قسوة السُّلْطَان

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل

ابْن إِبْرَاهِيم طَبَاطَبَا بن حسن بن حسن بن عَليّ - رَضِي الله عَنْهُم -

<<  <  ج: ص:  >  >>