للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسمع عبد الْملك أصوات الحرس بِاللَّيْلِ لما خرج من الْحَبْس فِي أَيَّام المين، فَقَالَ للسندي: مَا هَذَا الْعَار الَّذِي ألزمته السُّلْطَان؟ حق بلدان الْمُلُوك أَن تضبط بالهيبة لَا بِكَثْرَة الأعوان. وَوجه عبد الْملك إِلَى الرشيد فَاكِهَة فِي أطباق خيزران وَكتب إِلَيْهِ: أسعدك الله أَمِير الْمُؤمنِينَ وأسعد بك، دخلت بستاناً لي، أفادنيه كرمك، وعمرته لي نعمك، وَقد أينعت أشجاره، وآتت أثماره، فوجهت إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ من كل شيءٍ شَيْئا على الثِّقَة والإمكان، فِي أطباق القضبان، ليصل إِلَى من بركَة دُعَائِهِ، مثل مَا وصل من كَثْرَة عطائه. فَقَالَ رجل: يَا أُمِّي رالمؤمنين، مَا سَمِعت أطباق القضبان، فَقَالَ الرشيد: يَا أبله، إِنَّمَا كنى عَن الخيزران إِذْ كَانَ اسْما لأمنا. عَاتب عبد الْملك يحيى بن خَالِد فِي شيءٍ، فَقَالَ لَهُ يحيى: أعينك بِاللَّه أَن تركب مَطِيَّة الحقد. فَقَالَ عبد الْملك: إِن كَانَ الحقد عنْدك بَقَاء الْخَيْر وَالشَّر لأهلهما عِنْدِي إنَّهُمَا لباقيان. فَلَمَّا ولى قَالَ يحيى: هَذَا خير قُرَيْش. احْتج للحق حَتَّى حسنه فِي عَيْني.

خطْبَة يَوْم الْجُمُعَة لمُحَمد بن سلمَان بن عَليّ " وَكَانَ لَا يغيرها "

الْحَمد لله، أَحْمَده وَأَسْتَعِينهُ، وأستغفره وأومن بِهِ وَأَتَوَكَّل عَلَيْهِ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عبد وَرَسُوله، أرْسلهُ بِالْهدى وَدين الْحق " لِيظْهرهُ علىالدين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ ". من اعْتصمَ بِاللَّه وَرَسُوله فقد اعْتصمَ بالعروة الوثقى، وَسعد الْآخِرَة وَالْأولَى وَمن لم يعتصم بِاللَّه وَرَسُوله فقد ضل ضلالا بَعيدا، وخسر خسراناً مُبينًا، أسأَل الله أَن يجعلنا وَإِيَّاكُم مِمَّن يطيعه ويطيع رَسُوله، وَيتبع رضوانه ويجتنب سخطه؛ فَإِنَّمَا نَحن بِهِ وَله، أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعه، وأرضى لكم مَا عِنْد الله، فَإِن تقوى الله أفضل مَا تحاث عَلَيْهِ الصالحون وتداعوا إِلَيْهِ، وَتَوَاصَوْا بِهِ. وَاتَّقوا الله مَا اسْتَطَعْتُم وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>