للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَدخل عَلَيْهِ سعد يعودهُ فَجعل يبكي. فَقَالَ سعد: مَا يبكيك يَا أَبَا عبد الله؟ . قَالَ: وَالله مَا أبْكِي جزعاً من الْمَوْت، وَلَا حزنا على الدُّنْيَا. وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد إِلَيْنَا: " ليكف أحدكُم مثل زَاد الرَّاكِب " وَهَذِه الأساود حَولي، وَمَا حوله إِلَّا مطهرة وإجانة وجفنة. وَقَالَ: أحيوا مَا بَين العشاءين فَإِنَّهُ يحط عَن أحدكُم من جزئه، وَإِيَّاكُم وملغاة أول اللَّيْل، فَإِن ملغاة أول اللَّيْل مهدنة لآخره. وَقَالَ: إِن صَاحب عمورية قَالَ لي: قد أظلك زمَان نَبِي يبْعَث بدين إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام مهاجره أَرض ذَات نخل، فَقدمت وَادي الْقرى فَرَأَيْت بهَا النّخل فطمعت أَن تكون، وَمَا حقت لي أَن تكون. وَقَالَ سلمَان: الْبر لَا يبْلى وَالْإِثْم لَا ينسى. وَكتب إِلَى أبي هُرَيْرَة: إِن نافرت النَّاس نافروك، وَإِن تَركتهم لم يتركوك، فأقرضهم من عرضك ليَوْم فقرك، وَكفى بك ظَالِما ألاّ تزَال مخاصماً. وَكتب سلمَان أَيْضا إِلَى أبي هُرَيْرَة: إِنَّك لن تكون عَالما حَتَّى تكون متعلماً، وَلنْ تكون بِالْعلمِ عَالما حَتَّى تكون بِهِ عَاملا.

أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ

لما بنى مُعَاوِيَة خضراء دمشق أدخلها أَبَا ذَر رَحمَه الله، فَقَالَ لَهُ: كَيفَ ترى مَا هَا هُنَا؟ قَالَ: إِن كنت بنيتها من مَال الله فَأَنت من الخائنين، وَإِن كنت بنيتها من مَالك فَأَنت من المسرفين. وَقَالَ: كَانَ النَّاس زرقاً لَا شوك فِيهِ، فصاروا شوكاً لَا ورق فِيهِ. وَقَالَ: يخضمون ونقضم، والموعد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>